ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Tuesday 13/03/2012/2012 Issue 14411

 14411 الثلاثاء 20 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

نشرت مجلات علمية حدثاً حصل عام 2007م ولكنه لم ينل الكثير من التغطية الإعلامية: اكتشف العلماء كتلة مائية ضخمة أسفل الأرض في آسيا. عندما أقول «الأرض» فإني أقصد قاع بعض المحيطات، ويعتقد المكتشفون أن الماء أسفل المحيط أكثر مما في المحيط نفسه! خبر طيب أليس كذلك؟ الأرض أصلاً أكثر من ثلثيها ماء يتركز خصوصاً في المحيطات، وتبلغ الكمية الإجمالية للماء على وجه الأرض قرابة مليار وثلث الميار كيلومتر مكعب، هذا غير أبخرة الماء الموجودة في الهواء والتي توازي حجماً قدره 13 مليون كم مكعب، لكن المشكلة أن أكثر هذه المياه مالحة وليست صالحة للشرب فوراً، بينما المياه العذبة توجد غالباً أسفل الأرض، وهذا ما يجعل الخبر إيجابياً. وهذا يرتبط باكتشاف آخر مقارب زمنياً، ففي في يوليو من عام 2011م اكتشف العلماء أضخم جسم من الماء حتى الآن. إنه ليس على كوكبنا، ولا على أي كوكب آخر، بل هو في الفضاء. وجدوا سحابة مائية في الفضاء الخارجي بعد أن كانوا يظنون أن الفضاء جاف مقفر، أما حجم الكتلة المائية فمذهل بمعنى الكلمة، فهو أضخم من جميع البحار والمحيطات على كوكبنا آلاف المرات، ولتقريب الصورة، تخيّل التالي: افترض أن كل شخص على كوكب الأرض يملك مستودعاً من الماء في كوكب آخر (لأنه لا مساحة لتخزينها على هذا الكوكب)، وأن هذا المستودع يحوي كل ما على وجه الأرض من ماء من بحار ومحيطات وبحيرات وأنهار بلا استثناء. الآن، هذه الكتلة المائية الفضائية التي اكتشفوها تستطيع أن تعطي لكل واحد من سكان الأرض 20 ألف مستودع من هذا!

نحمد الله على كثرة الماء عندنا وحولنا، فالماء أساس الحياة كما قال سبحانه: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}، ونستطيع أن نطمئن أن الماء لن ينضب بإذنه تعالى، فلنستغل هذه الوفرة لأن العلماء دائماً يُذكِّروننا بأهمية شرب الماء لأنه يكافح الإرهاق وينظف الجسم من الداخل وغير ذلك من المنافع. بناءً على هذا فكلما زاد شربنا من الماء كلما زادت المنافع، صحيح؟

لا! خذوا هذه القصة لتعرفوا السبب: عام 2003م كان الممثل البريطاني أنتوني إدواردز يمثل في مسرحية «ماي فير ليدي» الموسيقية، وأخذ دوراً غنائياً صعباً أنهك حنجرته، وبما أن المسرحية تُعرض في الصيـف فقـد اجتمــع هذان العاملـان ليحثاه على شرب الماء ليخفف عطشه ولينعش حباله الصوتية، فكان يغني ويمثل وإذا انتهى دوره رجع للكواليس وشرب نصف لتر من الماء، إلى أن يعود دوره مرة أخرى فيصعد المسرح ويؤدي ويرجع ويشرب نصف لترٍ آخر، وهكذا، وذلك بمعدل ثلاثة لترات من الماء كل يوم. مع زيادة الحرارة وازدياد الضغط على صوته زاد كمية الماء التي يشربها، إلى ستة لترات، ظاناً أنه يُحسِن صنعاً، ولِمَ لا؟ فالماء أساس الحياة، ولطالما نصح الأطباءُ الناسَ بشرب الماء يومياً. أخيراً صار أنتوني يشرب ثمانية لترات من الماء كل يوم. في آخر أيام المسرحية صار يشعر بأعراض متنوعة مثل الصداع والضعف والغثيان والتشويش وعدم الثبات وسرعة الغضب ومن ثم الهذيان. العجيب أنه رغم هذه الأعراض إلا أنه أكمل دوره ولم يُعِر لها بالاً. في آخر عرض للمسرحية صار صداعه شديداً وتقاطب الناس يسألونه «هل أنت بخير؟» وكان يجيب بالإيجاب، ولكن الذي لم يعرفه أنتوني هو أنه بعد شرب كميات ضخمة جداً من الماء فإن تلك العلامات تعني شيئاً واحداً: الموت. وهذا ما لم يعرفه أنتوني، فقد دخل مرحلة مَرضية اسمها «هايبو ناتريميا» وتعني نقص مستوى الصوديوم والأملاح في الدم، وبعد أن وقّع صورة تذكارية لأحد المعجبين ركب سيارته ثم فَقدَ وعيه، فهرعوا به إلى المستشفى واكتشفوا أن مستوى الأملاح انخفض جداً حتى صار شبه معدوم، والأملاح أساسية للجسم البشري، ودخل أنتوني غيبوبة دامت ثلاثة أيام، ثم صحا وقد تصلبت عضلات وجهه، وتدريجياً رجع إلى سابق صحته ليروي التجربة.

هذه حالة نادرة، وأنتوني إدواردز من القلائل الذين نجوا من هذه الحالة والتي تُسمى أيضاً التسمم المائي والتي قتلت أُناساً ظنوا أنهم كلما زادوا شرب الماء زادوا صحتهم نفعاً، وليتهم علموا أن قاعدة «ما زاد عن حده انقلب إلى ضده» تنطبق على كل شيء، حتى الماء أصل الحياة كلها!

 

الحديقة
إنه متوفرٌ متدفق.. لكن اشرب بحذرٍ وترفُّق
إبراهيم عبد الله العمار

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة