وسط الأسبوع الماضي تلقيت نبأين شجيين في وقت واحد.
* الأول غياب الوجيه الفاضل عبدالرحمن بن عبد العزيز السعيد -رحمه الله- من دنيانا في رحيل مفاجئ أدمي قلوب أحبائه وكافة من عرفوه وتعاملوا معه.
لقد آلمني رحيل الأستاذ عبدالرحمن السعيد فهو رجل خير وكرم، وصاحب سمت وخلق.. بابه مشرع للآخرين، وفيّ لأهله ولمسقط رأسه ينتمي إلى أسرة كريمة ذات فضل.
* أبو عبد العزيز هذا الراحل العزيز فيه سماحة محمودة وبخاصة في مجال البيع والشراء يروى زميله الوفي أ. محمد عبدالرحمن الفوزان أنه ذات مرة اشترى أرضًا واتفق هو والبائع على السعر وقبل استلام المبلغ رجع إليه البائع وقال: إنني عملت مخططًا للأرض وأريد أن تضيفه إلى مبلغ الأرض فوافق ثم عاد إليه مرة أخرى وقال: إنني كنت أنوي بيعها وجلبت لها بعض المواد الأولية وأريد أن تضيف مبلغ هذه المواد ولم يعترض أو يناقشه -رحمه الله-، بل وافق على طلبه.. وقصص أخرى تشي بالنبل والمروءة والقناعة، وقد رزقه الله وإخوته الأخيار الخير الكثير رغم بعده وبعدهم عن الطمع وسماحتهم عند البيع والشراء.
* كم تشعر أن الجمال بالدنيا يتضاءل عندما يغادرها هؤلاء الفضلاء بكل سجاياهم الكريمة، وبكل ما يحملونه من حب للآخرين، والأستاذ عبدالرحمن السعيد أحد هؤلاء ولقد أخذ من اسمه نصيبًا، فهو يحب إسعاد الآخرين، وجمعهم على الخير والنبل فضلاً عن ذلك فكم كان - يشدني فيه توقيره لأخيه الكبير الفاضل فهد بعد رحيل والدهم رحمه الله.
الناس أوفياء للنبلاء وليس أدل على هذا من ذلك الحضور الكبير في جامع الراجحي ومقبرة النسيم، وعند الصلاة على الفقيد، وعند تشييعه وإيوائه مثواه الأخير ثم في منزله، حيث توافد الناس عليه من كل الأطياف والمناطق، أسأل لله الذي أكرمه بالدنيا أن يكرمه بجنة المأوى، كما أدعو الله أن يوفق أبناءه وبناته للاستمرار في تقديم أعماله الخيرية والاجتماعية والسير على نهج والدهم في حب الناس ومساعدة المحتاجين، وهذا هو عنوان البرّ به والوفاء له، جمعهم الله به في جنات ونهر.
***
* ورحيل رغد
* أما النبأ الثاني المفجع والمزعج الذي تلقيته في ذلك اليوم فهو نبأ تغييب الموت للزهرة ذات الخمسة عشر ربيعًا «رغد» ابنة زميلنا الكريم أ.فواز أبو نيان وفلذة كبد زميلتنا الفاضلة أ.فاطمة العتيبي.
لقد كنت مع العزيزين فواز وفاطمة منذ ابتلاها وابتلاهما الله بفشل كليتي «رغد» فظلت فترة تعاني في المستشفى وفي منزل والديها، ثم هيأ الله لها زراعة كلية في الصين وعادت بعد أن تحسن وضعها واطمأن قلبا والديها.. ولكن بعد أشهر معدودة أراد الله أن ينتكس وضعها الصحي فدخلت المستشفى لمدة محدودة ثم خرجت منه وغادرت رحمة وحنان وقلبي والديها إلى رحاب ورحمة وحنان خالقها.
إنه لا يقلص شجن والديها على فراقها إلا إيمانهما بأن تلك إرادة الله وهو الذي أعطى وأخذ وأن هذا قدر محدد باليوم والساعة، بل الدقيقة والثانية وصدق الله وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً ، فلا ندم على راحل ولا حزن دائم على غالٍ وما علينا إلا أن نؤمن بقضاء ربنا ومن يؤمن به الله يرزقه الطمأنينة ويهده إلى الرضا.
فيا أيها الوالدان العزيزان: اطمئنا إلى جنب ربكما، وانتظرا اليوم الموعود الذي تلقيان فيه «رغد» خلف الله عليها صباها وشبابها.. تلقيان «رغد» بإذن الله وهي ترغد بنعيم الله وجنته و:
(إذا قضى الله فاستسلم لقدرته
ما لامرئ حيلة فيما قضى الله)
ولقد صدق ورب كاتب هذه السطور.
عزاؤكما أنكما بذلتما كل ما تقدران عليه من سهر وجهد وسفر ومال ولكن إرادة الله فوق رغباتنا وإرادتنا والله حكيم في كل أمر يجريه.
عزاؤكما في هذه القلوب التي اصطفت حولكما من أهلكم في الرياض وعنيزة، ومن كافة أحبابكم.. عزاؤكما أنها بحول الله استراحت من عناء الآلام وفشل الكلي، ولديكم أخوتها الأقمار يسليانكم ويملآن بحول الله جزءًا كبيرًا من فراغ رحيلها.. عوضكما الله بالصبر والرضا.
hamad.alkadi@hotmail.comفاكس: 4565576 ---- تويتر @halkadi