من أجمل التقارير المنشورة للصحف المعنية بتغطية منتدى جدة الاقتصادي؛ تقرير جريدة «الاقتصادية» الخاص بحراس أمن المنتدى كتبه الزميل «علي المقبلي» بعنوان «تساؤلات من حراس أمن عن دور منتدى جدة الاقتصادي في تحسين مستوى معيشتهم»؛ جمال التقرير يكمن في إنسانيته، وتركيزه على شريحة الحراسات الأمنية المُهمشة، والمنسية، بالرغم من تواجدها الدائم أمام أعيننا وأعين المسؤولين؛ والتي تعاني كثيراً بسبب ضعف الأجور، وغياب التغطية التأمينية، وطول ساعات العمل، وقصر الإجازات السنوية، إضافة إلى افتقار كثير منهم لأيام الراحة الرسمية.
أحد حراس أمن منتدى جدة الاقتصادي وجه سؤالاً للزميل المقبلي بعد أن فشل في توجيهه لوزير العمل، وطالبه بنقله نيابة عنه: «هل هذا المنتدى الذي أحضره للمرة الأولى سوف يحسن من مستوى معيشتنا نحن العاملين في هذا المجال؟». ثم أتبعه بأسئلة مباشرة كانت تستحق أن تكون محوراً لنقاش المتحدثين في المنتدى من الخبراء والاقتصاديين والوزراء.
أن يحظى حراس أمن المنتدى؛ باهتمام الإعلام في مواجهة الوزراء ورجال المال والأعمال، أمر غير مألوف؛ لأسباب مختلفة، والتركيز عليه ضمن تغطية فعاليات المنتدى يحمل الكثير من الرسائل والمعاني الإنسانية، والأخلاقية والمهنية؛ وإن كنت أتمنى لو أن الزميل المقبلي نجح في تمرير أسئلة رجال الأمن مباشرة إلى وزير العمل، ورجال المال والأعمال، خلال جلسات المنتدى لضمان التجاوب المباشر منهم. تابعت الصحيفة بعد نشر التقرير على أمل أن أجد تعقيبا من وزير العمل أو الجهات المعنية الأخرى، إلا أن آمالي ذهبت أدراج الرياح، فإنسانية الزميل «المقبلي» لم يقابلها تعاطف مماثل، أو تحمل للمسؤولية من قبل الجهات المسؤولة.
كنت قد طرحت قضية الحراسات الأمنية أكثر من مرة، ولم أجد تجاوبا من المسؤولين والمعنيين عن هذة القضية الحساسة، وأستبعد أن ينظر الوزراء والاقتصاديون ورجال المال والأعمال ومن في محيطهم العاجي لقضية الحراس المُعدمين التي ما زالت قائمة حتى اليوم.
يتقاضى كثير من رجال الأمن رواتب لا تزيد عن 1800 ريال شهريا، ويعملون أكثر من 10 ساعات يومياً، ولا يحظون بالتغطية التأمينية التي تُقدم إلزاما لجميع الوافدين، ولا يتمتعون كباقي موظفي القطاع الخاص بأيام الراحة المعتادة، أما الفصل التعسفي فهو أسهل على شركات الأمن من إنهاء خدمات أحد المستخدمين الوافدين.
أنظمة وزارة العمل، وتحديثاتها الأخيرة، غير مطبقة ألبتة على قطاع الحراسات الأمنية، فالحراس السعوديون أشبه بمن يعمل بنظام «السُخرة» لدى شركات الأمن. وزارة العمل معنية بتحسين ظروف عمل حراس الأمن السعوديين، وحفظ حقوقهم، وانتزاعها من الشركات الأمنية التي تكسب الكثير ولا تدفع إلا فتات المائدة لموظفيها. ملف الحراسات الأمنية يجب أن يكون في مقدم الملفات المطروحة على طاولة الوزير، ويجب أن يحظى بالدعم من وزارة الداخلية المعنية بتحقيق الأمن الشامل للقطاعات الاقتصادية. فتدني مستوى الأجور، وسلب حقوق رجال الأمن قد يدفع بعضهم لارتكاب أخطاء أمنية بسبب الحاجة الملحة؛ يفترض أن يكون هناك تناسق بين الأجر وحجم العمل، والمسؤولية التي يتحملها الموظف، وأحسب أن الحد الأدنى للأجور في القطاعات الأمنية المدنية يجب ألا يقل بأي حال من الأحوال عن أربعة آلاف ريال مع التغطية التأمينية للعلاج، والخطر، وأن يحظى الموظف بالزيادات السنوية، وأن يتمتع بإجازة نهاية الأسبوع، والإجازات السنوية وفق نظام العمل السعودي.
f.albuainain@hotmail.com