بعد أسابيع من جريمة إحراق مصاحف على أيدي جنود أمريكيين في قاعدة لحلف شمال الأطلسي، ارتكب جندي أمريكي جريمة نكراء تمثلت في قتل 16 مدنياً أفغانياً، بينهم تسعة أطفال في منطقة قندهار جنوب أفغانستان.
تكرار جرائم الجنود الأمريكيين في أفغانستان التي تتجاوز ما يحصل في الحروب تظهر حالة الإحباط والقنوط التي يشعر بها الجنود الأمريكيون الذين يخوضون معارك لا معنى لها وغير مقتنعين بها، وكونهم غير مرحب بهم في أفغانستان حيث ينظر إليهم كقوة احتلال مما أوجد حالة من الكره المتبادل بينهم وبين السكان انعكس في سلسلة من عمليات القتل والاستهداف أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا من الجانبين، وبما أن الجنود الأمريكيين محصنيين من المساءلة القانونية من السلطات المحلية وفي ظل (رخاوة الأحكام) التي تصدر من المحاكم العسكرية الأمريكية، فإن الجنود الأمريكيين يفرغون إحباطهم وغضبهم في صفوف الأفغانيين وينالون من معتقداتهم وديانتهم. وهذا الوضع شاهدناه في العراق الذي ارتكب على أرضه العديد من الجرائم المماثلة والذي صدرت بعدها أحكام من المحاكم العسكرية الأمريكية لم تكن بمستوى فداحة الجريمة، وقد شجعت تلك الأحكام العسكريين الأمريكيين على مواصلة ارتكاب الانتهاكات والحماقات التي تتوافق مع العقيدة العسكرية لقوات الاحتلال أياً كانت جنسياتها وانتماءاتها، فالتوجيه الأول الذي يقدم للجنود هو ضرورة قتل أكبر عدد من الأعداء.
الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن كان يطلب في الإيجاز عن المعارك في العراق معرفة العدد الذي قتل من الأعداء.. طبعاً الأعداء لم يكونوا سوى أبناء البلد الذي تحتله قواته.. العراق..
وفي أفغانستان لم تتغير النظرة فالجنود الأمريكيون في أفغانستان مثلما كانوا في العراق دربوا ولقنوا بأن مهمتهم القتل، قتل الأعداء الذين يواجهونهم، عراقيين كانوا أم أفغانيين، ويستوي عندهم المسلمون والمدنيون نساء أو أطفالاً، فكل من يواجههم إرهابيون يجب القضاء عليهم وما يعزز هذا التوجه تراكم القنوط والإحباط الذي يستشعره العسكريون الذين يخوضوا معارك لا معنى لها.
jaser@al-jazirah.com.sa