قبل عدة سنوات قامت وزارة التربية والتعليم بنسخ جميع الكتب الدراسية على أقراص سي دي cd وتم توزيعها على الطلبة، برغم أن معظمهم لا يملك جهاز كمبيوتر! وقد قوبل الأمر بانتقاد لاذع وسخرية شديدة. ولعل الوزارة تحمد ربها أن ذلك حصل قبل تدشين التويتر كوسيلة للتعليق والسخرية بكل جديد غير مفيد!
الطريف أن الوزارة لم تسبر مصير تلك السيديهات إما بدعوى أن الطلاب راشدون وأنهم سيحافظون عليها، أو كانت تعتقد أنها برّأت ذمتها وأدخلت التعليم عصر التقنية رضي من رضي، وسخط من سخط! وآخر علمي أن الطلبة استخدموها (وشاشة) بدلاً من أغطية المعلبات المسننة والخطيرة حيث يطلقونها بالهواء عن بُعد فتنطلق وتحلق عالياً وتهبط صاروخياً نحو الأرض، وقد تقع على رأس أحد أو وجهه فتسبب له جرحاً غائراً! فكانت السيديهات بديلاً آمنا! فيكِ الخير يا وزارة التربية لحرصك على أمن وسلامة رؤوس أبنائنا!
قد يلومني بعض القراء لإحياء هذه الحادثة التي مرت بسلام على الجميع. بيد أني تذكرتها حينما قرأت خبراً عن مشروع الفاتح، وهو بالمناسبة لا يمت بأية صلة لثورة الفاتح الليبية السيئة الذكر! ولكنه مشروع تركي استثماري في مجال التربية والتعليم يقوم على التوزيع المجاني لحواسيب لوحية (آي باد I Pad) مشمولة ببرنامج (الفاتح) على خمسة عشر مليون طالب ومليون مدرِّس، ويتضمن المشروع تمكين الطالب من استعمال التركيبات الإلكترونية، والفيديوهات، والصوت والصور والخرائط، والرسوم البيانية واللوحات، والمقاطع التركيبية وغيرها، حيث يحتوي على جميع احتياجات الطلاب من المعلومات، والإجابة على أسئلتهم المعتادة، وسيساعد هذا البرنامج على إنقاذ الطالب من حمل الكتب الكثيرة؛ إذ سيتمكن من الحصول على جميع الكتب المدرسية من حاسوبه اللوحي. كما شمل المشروع تركيب ألواح ذكية في 260 ألف صف مدرسيّ، بدلاً من الألواح السوداء أو البيضاء التقليدية. وسيشمل التوزيع باقي الولايات التركية خلال السنوات الأربع القادمة، حيث قدرت كلفته بسبعة مليارات دولار. ويُعدّ المشروع التعليمي أكبر مشروع عالمي من نوعه.
وإذا علمنا أن خلف هذا المشروع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وهو مَن اختار هذا الاسم تيمناً بمحمد الفاتح القائد الإسلامي العظيم الذي فتح القسطنطينية وقضى على الامبراطورية البيزنطية؛ سندرك سر تفوق تركيا وانتقالها إلى عالم التقنية والحداثة مع الإبقاء على ثوابت الهوية الإسلامية والتمسك بها والافتخار بالانتماء لها.
الجميل هو مشاركة أردوغان أبناءه الطلبة في تدشين المشروع، وبدا الطلاب في الصورة الجماعية مبتهجين بأجهزتهم يملؤهم التفاؤل ويقودهم الطموح وتسكنهم الثقة. في حين يتطلع الرئيس للارتقاء بالمستوى التعليمي التركي والقفز به لمستويات متقدمة؛ لإيمانه أن الاستثمار بالتعليم هو استثمار مخلوف ودائم، ويجلب فوائد اقتصادية مستقبلية لبلدهم.
يا أردوغان أتعبتنا في سبر فكرك، وأمتعتنا في منظر أمجاد بلدك المفتوح!!
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny