سعادة رئيس التحرير..
موضوع الاحتكار واختفاء السلع تحدثت عنه صحفنا المحلية الورقية والإلكترونية بعناوين مختلفة، ومنها جريدة الجزيرة بتاريخ 8 و 9 صفر 1433هـ.
فسلعة الأسمنت بالسوق السعودية مثلاً أزمة تتجدد بلا حلول، والموزعون وراء السوق السوداء، والتجارة خارج الرقابة، والمصانع تتبرأ من الارتفاع، ونقص الوقود يحرم شركات الأسمنت من إنتاج ملايين الأطنان، بما يخل بتوازن العرض والطلب.. وكذلك تلوح في الأفق بوادر أزمة دقيق بالشرقية بسبب نقص وارداته للمتعهدين، والصوامع بالشرقية تستقبل 3 بواخر دقيق، بما يوحي بأن أزمة النقص مفتعلة، وكذا أزمة الشعير التي لا تلبث أن تتكرر بين فترة وأخرى.. وقد مرت علينا منذ عامين أزمات كثيرة، كلها مفتعلة بلا جدال (أسمنت ودقيق وحديد وشعير وأرز)، وهذا مما يؤرقنا ويقض مضاجعنا، ويلحق الضرر بالمواطنين.
في البداية نحن بلد أعزه الله بالإسلام، ودستوره كتاب الله وسُنّة رسوله، والشريعة المستمدة منهما حرَّمت الغش والتدليس والكذب وتلقي الركبان والاحتكار.. قال عليه الصلاة والسلام «أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة».
إن هؤلاء التجار يتلاعبون بالأسعار، ويمتهنون الاحتكار؛ فيخزنون المواد الغذائية والمواد الضرورية التي تسير عليها الحياة دون أن يخافوا عقاب الله سبحانه، بل لم يأبهوا بعقاب الدولة الذي ينتظرهم، ولا أدري إلى متى ستستمر تلك الأوضاع والتصرفات المشينة، هل السبب تغافل مسؤولي وزارة التجارة؟ وفي هذه الحالة أليس من واجب مباحث الدولة أن تقوم بمهمة المتابعة والتقصي؛ مع كل من يحاول الإساءة إلى أبناء الوطن في عيشهم وضروريات حياتهم، الذين يخلقون تلك الأزمات طمعاً في الكسب، الذي أجزم بأنه غير حلال؟ فالحديث يقول: «أطب مطعمك ومشربك تكون مستجاب الدعوة» أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
ولا سيما أن الإسلام حرَّم الاحتكار في السلع لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا يحتكر إلا خاطئ»، ويقول الفقهاء: «إن من احتكر سلعة على الوجه الممنوع يجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى، ويخرج السلعة إلى السوق ويبيعها لأهل الحاجة إليها بالسعر الذي اشتراها وبهامش ربح معقول؛ لأنه منع الناس منها بشرائها من غير وجه حق، فيجب أن يمكنهم منها بالسعر الذي كانوا يشترونها به».
كما يعطي الفقهاء أيضاً المبرر لتدخل السلطة في حال امتناع المحتكر عن ذلك، فإن لم يفعل ذلك بنفسه أُجبر عليه، وأُخذت السلعة منه ليشترك الناس فيها، ولا يعطى إلا رأس ماله الذي اشتراها به.
صالح العبدالرحمن التويجري