حدَّدتُ لنفسي قائمة من الكتب التي سأبحث عنها في معرض الرياض الدولي للكتاب.. ولكن من تجربة الأعوام السابقة سأكتشف، مرة أخرى، أن ما سوف أشتريه من الكتب لن يكون له علاقة كبيرة بهذه القائمة.. فضلاً عن أن عدد الكتب في هذه القائمة سيبدو مضحكاً بالمقارنة مع العدد الكبير الذي سأخرج به من المعرض على امتداد أيامه.
نحن نشتري الكتب ليس فقط لأننا نحب قراءتها ولكن أيضا لأننا نتلذذ بشرائها وباقتنائها! ويمكن أن يستعرض أيُ واحدٍ منا الكتب المرصوصة والمتزاحمة على رفوف مكتبته ليدرك أن قراءة هذه الكتب وحدها ستحتاج إلى عدد من الأعمار الجديدة ليضيفها إلى ما تبقى له من عمر.. فما بالك بما نراكمه بلا انقطاع على هذه الرفوف المختنقة بالكتب!
هناك شعور بالفرح يغمر كل محب للكتب حينما يعثر على كتاب يعجبه.. وهو في الغالب لن يتوقف أمام سعره ولن يُحْبَط من ضيق المتاح من الوقت لقراءة ذلك الكتاب.. أنه يشتريه وحسب، موقناً أنه سيقرأه غداً أو بعد عام أو بعد عشرات الأعوام. هذا يحدث لعاشق الكتب الذي تجاوز الثمانين من العمر مثلما يحدث لمن هو في العشرينات من عمره.. فالأفق الزمني وتطلعات امتداد سنوات العمر كيما تسعف المرء بأوقات رحبة للقراءة يوماً ما لا تعترف بقيود الزمن ومحدودية العمر..
ومن غريب العلاقة بين الكتاب والقارئ أن الحميمية التي تنشأ بينهما تنبني في كثير من الأحيان على نسخة محددة لا يمل القارئ من إعادة قراءاتها بين حين وآخر ولا يشعر بنفس الإشباع حين يقرأ نصوص الكتاب نفسه في طبعة جديدة.. أما حين يكون الكتاب رقمياً في نسخة إليكترونية فهو يصبح مثل زهرة صناعية ليس لها أريج النسخة القديمة الممتلئة بالخربشات والتعليقات التي تختزن مشاعر القارئ وانطباعاته وهو يُبحر عبر نصوص الكتاب مرةً إثر مرة.
كتبي التي أتأمل مشهد جمالها في فوضى تراكمها على الرفوف وفي فوضى تكدسها على طاولة القراءة هي صديقة عمري ورفيقة رحلة حياتي.. هذه الكتب التي جمعتها من كل مكان وفي مختلف مراحل العمر ليست مجرد أوراق وأحبار.. كل كتاب يرتبط بذكرى.. وبعضها يظل مثل ثمرة محرمة لا تسمح الأيام بقراءته ويتحول - لأسباب مجهولة - إلى مشروع مؤجل للقراءة شهراً بعد شهر وعاماً بعد عام كأنما عين مراقبة تمنعك من الاقتراب منه!
عما قريب سوف تشتد فوضى مكتبتي وتتكدس الكتب في مشهد لا أحلى ولا أجمل عندما أضيف لها حصيلة ما سأخرج به من أكياس من معرض الكتاب..
شكراً يا وزارة الثقافة والإعلام.. شكراً للوزير الشاعر الدكتور عبدالعزيز خوجة.. ولوكيل الثقافة النشيط الدكتور ناصر الحجيلان.. ولكل الزملاء في الوزارة على جهودهم الكبيرة.
alhumaid3@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض