|
الجزيرة - نواف المتعب:
أكَّد وزير التجارة والصناعة في جمهورية جنوب إفريقيا الدكتور روب ديفيز رغبة بلاده في دفع العلاقات الاقتصادية مع المملكة إلى مستويات أعلى مما هي عليه الآن، لافتًا إلى أنها دون طموح البلدين، وذلك على عكس ما تتمتع به العلاقات السياسية من قوة.
وعن العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي أكَّد وزير التجارة والصناعة الجنوب إفريقي على تميزها، مدللاً بالزيارات التي قام بها الرئيس الجنوب إفريقي إلى الإمارات وسلطنة عمان وقطر وجنوب إفريقيا، تعي تمامًا أن دول مجلس التعاون الخليجي من الاقتصاديات القوية، والفاعلة في الاقتصاد العالمي ونسعى لإقامة علاقات اقتصادية قوية معها ونعلم جيدًا أن المملكة هي أكبر اقتصاد في مجلس التعاون ويسعدنا التعاون معها.
وأضاف لـ»الجزيرة» التغيير الاقتصادي الحادث الآن في العالم نجم عنه ظهور قوى صاعدة جديدة خاصة في سوق الطاقة العالمي، وبناءً عليه فدولة جنوب إفريقيا والقارة الإفريقية ككل وكذلك دول الخليج، هي قوى اقتصادية صاعدة لذلك يجب أن تتواكب علاقاتنا الاقتصادية، بالشكل الذي يتوافق مع الإمكانات الكبيرة سواء في جنوب إفريقيا أو المملكة.
وحول اتفاقية الازدواج الضريبي بين البلدين، قال الدكتور ديفيز: إن اتفاقيات تجنب الازدواج الضريبي تعني في الأساس أن المستثمر يقوم بدفع الضرائب في بلده الأصلي، والبلد الآخر مما يمثل عائقًا كبيرًا أمام سيولة التبادل التجاري، وأعتقد أن تلك الاتفاقيات ستمهد الطريق وتزيل العوائق أمام ممارسة الأعمال والأنشطة الاستثمارية في كلا البلدين وتعزز من الدور الذي سيقدمه مجلس الأعمال المشترك.
وأوضح أن دور المجلس هو تفعيل رؤية القيادة في البلدين الهادفة إلى إقامة قنوات اتصال، تعمل على تسهيل الاستثمار المتبادل بين البلدين ولذا نحتاج إلى عقد لقاءات بين رجال الأعمال في كلا البلدين، من أجل التباحث في مجالات التعاون والاستثمار كالزراعة وتكنولوجيا التنقيب التي تعد جنوب إفريقيا رائدة في هذا المجال. علاوة على ذلك يوجد لدينا مصانع لقطع غيار السيارات ومكوناتها، وأتصور أنه هناك تشابهات كبيرة بين الاقتصاديين، وفي رأيي أن قارة إفريقيا ستكون القوة الاقتصادية بعد الصين والهند، وبناءً على تقديرات صندوق النقد الدولي فإن معدل النمو في إفريقيا لهذا العام سيبلغ 5.5% وجنوب إفريقيا لديها بيئة مناسبة للمستثمرين من خارج القارة لممارسة أنشطتهم بشكل ميسر، وأضاف: لدينا علاقات جيدة مع جميع دول القارة الإفريقية ونمتلك مؤسسات لديها القدرة على دعم الاستثمار في القارة، ولذلك أتصور أن هناك أوجه توافق كثيرة بين بلدينا، تمكننا من اكتشاف الفرص الاقتصادية المتاحة ودفع العلاقة بين البلدين للأمام.
وعن الفرص الاستثمار المستقبلية بين البلدين قال الدكتور روب ديفيز: لا زال معدل الاستثمارات تحت مستوى الطموح وهناك مجالات اقتصادية يمكن أن يتم تطويرها، من ضمنها المجال الزراعي وخبرتنا في مجال تطوير البنية التحتية، وقد قمنا كذلك بمساعدة المستثمرين المحليين والأجانب في تحديد أولويات الاستثمار لدينا، وفي الجانب السعودي يمكننا المساهمة بخبرتنا في مجال البنية التحتية وتقنيات التنقيب.
وتطرق وزير التجارة والصناعة الجنوب إفريقي إلى الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على جنوب إفريقيا، حيث أشار إلى أن بلاده لم تتأثر كثيرًا بالأزمة، والمؤسسات المالية فيها تخضع لتنظيمات وقوانين جيدة، وقال: في الحقيقة بنوكنا تفوقت على البنوك السويسرية من ناحية الاستقرار المالي ولم توجد لدينا أزمة ديون سيادية كالتي عصفت ببعض دول الاتحاد الأوروبي، وهناك تأثير ثانوي حصل على اقتصادنا بسبب الانكماش والركود الاقتصادي الذي أعقب بداية الأزمة المالية العالمية وأسهم بأثر سلبي على شركائنا التجاريين من الدول المتقدمة في مجالات الاستثمار، وهذا جزء من السبب الذي جعلنا نبحث بشكل نشط عن شركاء جدد من الاقتصاديات القوية، وأضاف: نحن في مجموعة (البريكس) التي انضممنا إليها في العام الماضي، نعمل على تطوير علاقاتنا مع الأعضاء روسيا والصين والبرازيل والهند، الذي لم نفعله حتى الآن الذي لم نقم به بشكل كافٍ هو البحث عن شركاء اقتصاديين أقوياء في أماكن أخرى، كدول مجلس التعاون الخليجي ومجموعة الآسيان التي نسعى لتطوير علاقاتنا معهم.
وفيما يخص التعاون الأوروبي مع الدول الإفريقية نوّه إلى أن جنوب إفريقيا دولة رائدة في القارة لما تمتلكه من إمكانات ومعدلات نمو اقتصادي عالية، وهي تعمل على تحقيق تكامل اقتصادي إقليمي والمشروعات الحالية تتمثل في إقامة مناطق حرة، فيما بين الدول الـ13 المتطورة في جنوب القارة الإفريقية، وكذلك تكتل شرق القارة، ونعمل كذلك على إقامة اتحاد يقوم على برامج البنية التحتية وبرامج التعاون في مجال التطوير الصناعي، وكل هذا يتم في إطار إقامة سوق إقليمي ضخم للغاية يبدأ من كيب تاون وحتى القاهرة باستثمارات تبلغ أكثر من 1 تريليون دولار، وهذا هو مشروعنا المستقبلي الذي بدا في العام الماضي ونعمل على تحقيقه مع بقية الأطراف، والاتحاد الإفريقي يعمل الآن على التوسع في غرب إفريقيا، وعلى هذا فنحن نعمل بأقصى جهدنا من أجل تحقيق المشروع الأضخم المتمثل في إقامة تكامل اقتصادي إقليمي حقيقي في القارة الإفريقية.
واختتم وزير التجارة والصناعة بجنوب إفريقيا الحديث عن التعاون الثقافي منوهًا إلى وجود مجموعة من طلاب جنوب إفريقيا يدرسون حاليًا في الجامعات السعودية وقد أبدى رغبته بأن يكون التعاون أكثر في هذا المجال، كما قدّم ترحيبه ودعوته للطلاب السعوديين للدراسة في جامعات ومعاهد جنوب إفريقيا، مؤكدًا أن جنوب إفريقيا استفادت كثيرًا من مواطنيهم الخريجين من بعض الجامعات السعودية، وخصوصًا أن بعض المجالات في جنوب إفريقيا كانت تعاني من نقص بالكوادر وهو الأمر الذي سدّه الخريجون.