الفساد العلمي خطير تماماً مثلما هو الفساد المالي أو أكثر؛ فالفساد المالي يضرّ بالأموال والحجر، لكن الفساد العلمي يضرّ بالعقول والبشر.. تصوروا كم هو الضرر الذي يترتب على شهادة وهمية يحصل عليها شخص فيعمل طبيباً أو مهندساً.. كم من نفس سترحل وخطر سيحصل !.

لقد كتب معالي التربوي د. محمد بن أحمد الرشيد مقالاً مؤثراً عن الفساد العلمي وأخطاره بصحيفة ((الرياض)) وأورد قصة مؤثرة عن جامعة هي عبارة عن ((صندقة من خشب)) في أمريكا وقف عليها وزارها ووجدها تمنح شهادات وهمية عالية ماجستير ودكتوراه، وقد رأى هو وعدد من زملائه أعضاء اللجنة: كيف يتم الخداع وبيع الشهادات، حيث وصل الأمر إلى المجادلة بأسعار الشهادات، فالماجستير لها سعر والدكتوراه لها سعر، بل وصل الأمر إلى درجة طلب التخفيض بالأسعار وكأن الشهادات ((باذنجان)).

أرجو أن يصدر قريباً التنظيم المطروح في مجلس الشورى الذي قدمه الزميل د. موافق الرويلي لضبط موضوع الشهادات واختفاء الشهادات الوهمية والمزورة والتي نفاجأ بحصول البعض عليها بهدف الوجاهة أو الحصول على عمل - مع الأسف - ويفترض ألا ينخدع القطاع الحكومي أو الخاص والخاص تحديداً حتى يتأكدوا من أي شخص يتقدم إليهم بحيث ينظروا: هل شهادته معادَلة من الإدارة المختصة بوزارة التعليم العالي الدقيقة في إجراءات معادلاتها.

ثم أمر آخر وهو أن يحصر لقب الشهادات على النطاق الأكاديمي لعله يتقلص الاندفاع نحو هذه الشهادات، وقصر ألقاب الشهادات العليا معمول به في الغرب، بل وهناك في وطننا أسماء كبيرة واثقة لا تضع هذه الألقاب، بل إنها تعترض عليها سواء كتابة أو نطقاً، وأضرب مثلاً برجلين د. غازي القصيبي - رحمه الله - ود. عبدالعزيز الخويطر - حفظه الله -، حيث بلغ الأمر بهما أنهما يمسحان اللقب عندما يكتب قبل اسمهما أو مؤلفاتهما !.

وبعد:

بقي أن أدعو معالي رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أ. محمد الشريف الذي اختار هذه الآية الكريمة المعبرة {وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} - والفساد في الآية معنى شامل لكل فساد - أدعوه وهو المسؤول والمثقف أن يوضع ضمن ((أجندات)) الهيئة: مكافحة ((الفساد العلمي)) فهو أكثر خطورة - كما أسلفت من الفساد المالي والإداري، فإذا وصل ((الغش)) والكذب وعدم الأمانة إلى العلم فهذا يعني أن هذا الإنسان غير مؤتمن على عمل أو مال أو علاج أو غيره.

زبدة القول : لقد تساوى - في هذه الأيام - من يحصل على الشهادة العالية ((بعرق جبينه ومن يسلبها بمدد جيبه)).

***

=2=

صمت الكريم..!

سأله صديقه في مجلس تطاول فيه عليه أحدهم، لمَ لمْ ترد عليه.. فلاذ بالصمت.. فألح عليه مرة أخرى بالسؤال فقال له:

لقد منعني خلقي من الرد وقد كفاني جدي الشاعر العربي مؤونة الرد عندما قال:

((ولربما اختزن الكريمُ لسانه

حَذَر الجواب وإنه لمفوّه))

***

=3=

آخر الجداول

لشاعر الدهور الحكيم المتنبئ:-

((هوِّن على بصر ما شقّ منظره

فإنما يقظات العين كالحلم))

hamad.alkadi@hotmail.com
فاكس: 4565576 ---- تويتر @halkadi