هذا «احتراق» وليس «احترافاً» هؤلاء أجساد تتقاذف الكرة بلا أرواح!
هؤلاء وضعوا سمعة الوطن خلف «سهرهم» وخلف ثرائهم الفاحش وحياتهم «المخملية»!
لا تهمهم إلا «الملايين» وصفقات الأسهم والسفر والسهر، وتجديد العقود قبل أن تنتهي!
هؤلاء «الجيل» ومنذ ثماني سنوات تجدهم في الملعب «أجساداً» فقط بلا روح يلعبون الكرة وكأنهم أكرمكم الله يلعبون على «قشر بيض» خوفاً من الإصابة!
لقد وجدوا أنفسهم «عاطلين» وبشهادات لا تتجاوز «المتوسطة» وفجأة صاروا أثرياء بمرتبة لاعبين محترفين!
أي احتراف هذا الذي صار «وبالاً» على سمعتنا الكروية التي بنيناها على مدى «عقدين» من الزمن من 1984م وحتى عام 2002م والتي فيها سقطت الكرة السعودية سقوطاً مذلاً أمام ألمانيا في مونديال كوريا واليابان وبالثمانية وكانت هذه «السقطة» والفضيحة الكروية هي آخر عهد الكرة السعودية بالإنجازات وكانت بمثابة الضربة «القاضية» لكل ما تحقق في عشرين عاماً!
يا سادة يا أحبة سأتجاوز ثمانية ألمانيا التي حوّلت منتخبنا السعودي إلى منتخب شبيه بمنتخب «مكاو» وتفرج علينا العالم قائلاً: هل هذا الفريق يستحق المشاركة في كأس العالم؟! في الوقت الذي غابت فيه أعتى المنتخبات الأوروبية ومنتخبات أمريكا الجنوبية وحتى إفريقيا عن المشاركة في مونديال 2002م.
يا ساتر.. هل وصلنا إلى هذه المرحلة من الفشل الكروي بهذا الجيل البائس الذي شوَّه سمعتنا وأذاقنا المر والنكد والليالي «السود»!
لقد تأهلنا إلى مونديال 2006م بمساعدة صديق وأعني «البحرين» التي أخرجت إيران لكي نصل على «عكاز» لمونديال ألمانيا والتي خرجنا منها بهزيمتين في الدور الأول من أوكرانيا وإسبانيا وتعادل مع الأشقاء التوانسة وبعد خيبة المونديال جاءت كارثة كأس آسيا أمام منتخب العراق «الوديع» لتبدأ «سبحة» الكرة السعودية في «الانفراط» ويتحوّل منتخبنا إلى منتخب متواضع وكأنه حديث عهد بالكرة يتلقى «الهزائم» بالجملة من سوريا والأردن وعُمان والكويت وغيرها من الفرق الآسيوية المتواضعة جداً!! هكذا وللأسف تحول حال الكرة السعودية التي كانت في الماضي سيدة آسيا الأولى وبقدرة قادر تحوّلت إلى «ملطشة» لكل الفرق الناشئة وصارت كرتنا «أثراً» بعد عين ووصلت سمعتنا إلى «الحضيض» وزامن تلك الفترة «المذلة» في تاريخنا الكروي المعاصر أربع «مرارات» متتالية وهي السقوط المتتالي في نهائي الخليج لثلاث مرات متتالية وفي ثلاثة «نهائيات» وراء بعض في الإمارات وعمان واليمن على التوالي وبعدها الخروج «الدرامي» من مونديال 2010م في جنوب إفريقيا وأمام البحرين لتأتي بعدها المصيبة» الكبرى في الدوحة في كأس آسيا الأخيرة 2010م والخروج «المهين» والهزائم المريعة من الأردن وسوريا اللتين كانتا إلى عهد قريب تحلمان بأقل الخسائر أمام المنتخب السعودي.. ثم تأتي «القاصمة» التي قصمت ظهر الأخضر وحطّمت قلوبنا بخماسية اليابان التاريخية التي أعادتنا وأعادت أحلامنا إلى الملاعب الترابية وزمن كرة «طقها والحقها»!
إن المسلسل «الدموي» والنزيف الكروي السعودي لم تنته بعد فواصل عروضه وفصوله الحزينة فخرجنا من التصفيات المؤهلة لمونديال البرازيل 2014م والتي كنا نحلم أن نكون هناك في منبع الكرة وموطن صنّاع فنونها مع صفوة العالم في الكرة، ولكن «هيهات» فهل يعقل أن مجموعة فيها تايلند وعمان إذا ما استثنيا أستراليا لا نستطيع أن نتأهل على الأقل كفريق ثان، لقد كان الحلم المزعج لنا و»الكابوس» الذي لم نفق منه حتى الآن هو «سقوطنا» المذل في أستراليا وبصفها الثاني وللأسف، وللتأكيد على كلامي في بداية هذا المقال «هو أين روح اللاعبين وأين غيرتهم على وطنهم»، وكيف رضوا أن يسقطوا الكرة السعودية في «ثلاث دقائق فقط»؟!
والسؤال الأهم هو: هل هؤلاء اللاعبون الذين يعتبرون «أسوأ جيل» مرَّ على كرة القدم السعودية باستثناء الشاب الصغير سالم الدوسري الذي حاول بـ»روحه» أن يقدم شيئاً لوطنه ولكن رفاقه «السيئين» وبدون استثناء خذلوه! أقول هل هؤلاء «الفاشلون» قد ذهبوا إلى مالبورن للترفيه والسياحة فقط أم من أجل سمعة ورفعة وعزة الوطن والعودة بالنصر المؤزر ورد بعض الاعتبار للكرة السعودية التي فقدت هيبتها وسمعتها التي بناها الراحل فيصل بن فهد رحمه الله!
إن ما أصاب الكرة «عندنا» ليس بفعل «عين» أو نفس كما يقوله بعض البسطاء و»المتخلفين»، بل إن ما أصابها هو «سوء التخطيط» والارتجالية والمجاملات، والمحسوبيات، و»التعصب المريض» من البعض وذلك بتفضيل أنديتهم على منتخب الوطن كما أن «الاحتراف» الذي تحول وللأسف إلى «احتراق» للكرة السعودية وجرح غائر في صدرها وإلا كيف بلاعب جاء من «حواري» يتحول بين ليلة وضحاها من «فقير» لا يملك «100 ريال» في جيبه ليجد في رصيده 20 أو 30 مليون ريال وهذا هو ما جنيناه من «الاحتراف» وهو السبب الرئيسي في تدهورنا الكروي، فاللاعب حين كان يلعب «هاوياً» كان يقاتل في الملعب من أجل الانتصار والمكافأة «البسيطة» أما بعد أن «احترف» وانهمرت عليه «الملايين» من هنا وهنا أصبح يقول: لماذا أتعب وأرهق نفسي بالتمارين وأتعرض للإصابة فالمستقبل «فُل» والملايين في الرصيد «مضمونة» فلماذا أتعب ومن أجل من؟! هذه هي وللأسف نظرة «المحترفين» عندنا والذين دمروا الكرة السعودية ومن هنا ومن «منبر الجزيرة الحر» وعبر ملحقها الرياضي أقول إنه أن الأوان لاجتثاث الاحتراف من جذوره والعودة إلى عالم «هواة» كرة القدم كما كنا في «الثمانينيات وبداية التسعينيات» الميلادية وإذا كان لا بد من «الاحتراف» والذي فرضه الاتحاد القاري فليكن «جزئياً» بمعنى أن يكون اللاعب «الموهوب» متفرغاً ويتقاضى راتباً شهرياً من ناديه مثله مثل موظف الدولة ما بين 10 إلى 20 ألف ريال أو تزيد أو تقل ويكافأ على انضباطه وإنجازاته والتزامه ويخصم منه إذا تقاعس أو تهاون ويكون له اشتراك في التأمينات الاجتماعية وراتب تقاعدي بعد انتهاء علاقته بالكرة!
وفي الختام أقول: أن «الملايين» التي يحصل عليها اللاعبون هي التي أضاعت الكرة السعودية ودمرت مستوانا الكروي وتراجعت بتصنيفنا من قبل (الفيفا) من مراكز العشرينيات والثلاثينيات «عالمياً» إلى ما فوق «المائة»! في الترتيب بين منتخبات العالم.
إنني آمل أن يبدأ «البناء» من هذه اللحظة وإعداد جيل جديد من اللاعبين الموهوبين لا تتجاوز أعمارهم 17 عاماً للتحضير للاستحقاقات القادمة وأهمها مونديال روسيا 2018م وقطر 2022م، فالكرة السعودية تحتاج إلى الكثير من العمل والأفكار والجهد والرجال المخلصين الذين يعملون من أجل الوطن وليس من أجل النادي والاحتراف لا بد أن يعاد النظر فيه «فوراً» فالكرة السعودية صارت مثل الأرض القاحلة التي هجرها المطر من سنين ولا بد أن تُبعث مرة أخرى من جديد «بريها» بسواعد أبناء الوطن من اللاعبين المخلصين والإداريين المحنكين والحديث عمّا أصاب كرتنا من خلل في السنوات الماضية يحتاج إلى صفحات وصفحات ولكن سيكون ذلك في حينه والله المستعان.