ثمة قلق يعبث بخيوط هدوئه، ينثرها، ثم يلملمها، تتشابك يحاول تفكيكها، فتكبر، تتلاحم، تتعقد، تتمدد، تتداخل.. تعبث بالمساحة بين عينيه، حول قدميه, تكبله، لا حراك تمنحه مساحته،...
تتفصد حبات العرق فوق أديم خيالاته، ترتجف أطراف توقعاته..,
خيوط القلق تتشابك أكثر.. تتكسر خيطا خيطا،..
فتات كسورها تخز صمته، بالكاد ترتفع عقيرة جلده، يركض صبره خارج أسوار قدرته، خيوط القلق تقبض على ساقي عزمه، تكبله عما ينأى، تضيق عليه الدائرة، يرتخي على مقعده, في شراك القلق..
***
هذا برواز لحالة ليست طارئة في حياة البشر..
يدبُّون على الأرض.., وكل منهم له شأن يغنيه...
***
الأمور الشائكة التي تحملها أكتاف البشر في يومهم.., وليلتهم..
حين تتراكم.., تتحول لقضاياهم المقلقة، وتحيلهم لدمى تتحرك على الأديم....
يدورون مثلما تدور في السيرك..
والزمن لا يستوعب حيرتهم، ولا يمكنهم من فض تشابكها,...
فهو لا محطة له يقف فيها..
شمس الصباح وهي ترسل أشعتها..
مدرسة تقدم لهم الحلول شعاعا شعاعا..
حين لا يقتفونه، يأتيهم ليل لا يرون فيه الدليل...
والحقيقة هي أن أصعب القضايا، وأكثرها تعقيدا للإنسان، تتكون عندما تتداخل بغيرها، وتتراكم بحيثياتها..
ولا يتيح الإنسان لعقله أن يدرك اللحظة التي يزنها فيها، ويفك رموزها، ومن ثم يتخلص من خيوطها..
والمرء لا يفرغ لقضايا الزرع والحصاد إلا حين يتحرر من مشكلاته الصغيرة خيطا فخيطا، وإلا تحولت لتشابك معقد، وقضت قضية مبهمة تلفه في دواماتها..
عندها يهدر عمره في الركض وراء أن يزيحها عن كاهله..
ولذلك مآرب، وسبل قد لا تفلحه، ولا ينجح بها..
فالإنسان وحده من يصنع راحته.., أو ينمي قلقه.