الجزيرة – سفر السالم
أرجع الدكتور ناصر المطوع رئيس جمعية حماية المستهلك ما آل إليه الحال في السوق المحلي من وجود فوضى عارمة تخلت عن روح المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية بمباركة بعض التجار، وجهات ذات علاقة، وقال المطوع خلال ندوة أقيمت بمدينة الرياض بعنوان «حماية المستهلك في الميزان.. التحالف الفوضوي المنظم»: إن حماية المستهلك منطق بديهي ومطلب اقتصادي يؤدي إلى تحقيق الأمن المعيشي والعدالة الاجتماعية، وبالتالي المحافظة على الدخل الحقيقي للمواطن والمقيم، لكن وسط الفوضى السوقية والتخلي عن روح المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية للكثير من رجال المال والأعمال والتجار في ظل دعم مؤسسي وقانوني متواضع، يقابل ذلك ثقافة استهلاكية سلبية، نجد أن الأمة السعودية والخليجية تعيش وفق معادلة تزاوج المتناقضات نتيجة للعجز في ربط بيئتنا الثقافية الراقية المبنية على أرضية تعاليم ديننا الحنيف بالواقع كحقيقة يمكن ملامستها في السعر والجودة والشفافية والعدالة الاجتماعية، مضيفاً أن الحالة الراهنة لدول الغرب البعيد ودول جنوب الشرق الآسيوي تبين حضوراً للمؤسسات والقوانين وقوة الفعل للدفاع عن المستهلكين وحماية مصالحهم، مشيراً إلى أن دولة مثل بولندا تم تأخير انضمامها للاتحاد الأوروبي نتيجة لتقصيرها في الالتزام بحقوق المستهلكين، أما لدينا فالموقف مغاير على كافة القطاعات والأصعدة، حيث إن الأولوية للشكل دون المضمون، وللقوي على حساب الضعيف، إنها ثقافة متناقضة وضحلة على المستوى الرسمي والشعبي والتجاري.
ويؤكد الدكتور المطوع أنه وفي خضم ارتفاع سقف المطالب وتجاذب المصالح وقصور الموارد وعدم التجاوب الرسمي والتوجس التجاري، يجب أن نعترف ونعلن أن واقع الغش التجاري والدوائي والغذائي وسرطان الأسعار وخلاف ذلك أوسع وأعمق كثيراً مما قد توحي به العناويين الرئيسية، إن المشكلة ذات أبعاد ثقافية وفراغات تنظيمية وغيابات مؤسساتية.
وتساءل الدكتور المطوع لماذا يتلقى المستهلك كل الضربات الموجعة على مدار العام من فوضى الأسعار وتدني جودة المواد الغذائية والاستهلاكية وأقراص الدواء، ولماذا يتحمل جسده المبيدات المتراكمة عبر الفواكه والخضروات وأنواع اللحوم، ولماذا يطفف عليه في أسعار وجودة الخدمات والقائمة تطول، إن المستهلك ببساطة يتعرض لإرهاب مستدام يتمثل في إرهاب غذائي وإرهاب دوائي وإرهاب اقتصادي، وهو الجانب المهمل في النقاش الاقتصادي المتعمق رغم أنه ركيزة الأمن الاقتصادي الاجتماعي.ويشير الدكتور المطوع إلى أن معطيات واقع المستهلك في المملكة قد يعيدنا إلى المربع الأول، فهو مقصر بذاته من ناحية، ويعيش بين مطرقة عبث التجار وسندان غياب مؤسسات تحميه من ناحية أخرى.
