منذ العام 1977م، صار يوم الثامن من شهر مارس يوماً رسمياً لدى الأمم المتحدة تحت مسمى يوم المرأة والسلام، وهذه المناسبة تكون عادة للتذكير بمسيرة المرأة وتاريخها النضالي ودورها في صنع السلام منذ أن شاركت بفاعلية في الاحتجاجات الدولية ضد الحرب العالمية الأولى، أخذ هذا اليوم الطابع الاجتماعي أكثر من السياسي، وصار الحديث والفعاليات التي تقوم في معظم دول العالم عن مناهضة التمييز والعنف ضد المرأة، وحقوقها المدنية والاجتماعية خصوصاً في العالم العربي الذي مازالت كثير من أقطاره «تزحف» في تفعيل هذه الحقوق الأساسية. مع ذلك أعتقد كمتابعة أنه وبعد الربيع العربي عادت حقوق المرأة السياسية لتتصدر الواجهة من جديد، فحتى الآن في تلك الدول لم يتضح بعد حجم مشاركة وتمكينها سياسياً، خصوصاً وأن المرأة كان لها دور كبير في الربيع العربي ومشاركة لا تقل عن حجم مشاركة الرجل، والخوف من أن تبدأ المرأة في مطالباتها لحقوقها من الصفر في دول كانت قد حققت تقدماً كبيراً في مشاركة المرأة السياسية، ونيلها حقوقها المدنية.
ففي تونس مثلاً، وهي من الدول التي تشهد حراكاً قوياً في حقوق المرأة، نجد أنها لا تزال تبحث عن دورها السياسي «القيادي» داخل الحكومة الجديدة، وإن كانت التونسيات كغيرهن من نساء العالم يعانين من العنف الجسدي والنفسي والاقتصادي، فإنهن وبعد الثورة بدأ تجاههن نوع جديد من العنف ألا وهو التمييز السياسي!
إضافة إلى تسجيل تراجع واضح في المشاركة الإعلامية، وبحسب تصريحات لناشطات تونسيات فإن هناك تقليصًا كبيرًا في الإعلام التونسي في طرح مواضيع المرأة، وذلك خوفاً من المواجهة الفكرية مع بعض التيارات، والنتائج المترتبة على الطرح الجريء لهذه القضايا. أما في مؤسسة الزواج فإن التونسيات يعتبرن الأكثر استقراراً، لكنهن اليوم يواجهن خطر التراجع عن قانون الأحوال الشخصية الصادر منذ عام 1956م، والذي يعد أنموذجاً تسعى إلى الوصول لمثله كل النساء العربيات. في رأيي الشخصي أن المرأة التونسية لم تحرز تقدماً بعد الثورة إلا في الناحية الشكلية، حيث تم السماح للمحجبات والمنقبات بالخروج بهذه الهيئة التي كانت محرمة في عهد النظام السابق، ويبدو التركيز على هذه الشكليات واضحاً منذ الخطاب الأول للرئيس المنصف المرزوقي، الذي تحدث فيه عن الحماية الشكلية للمرأة وحريتها في ملبسها، وهذا حق، لكنه ليس كل الحقوق!
أود التأكيد أنه في كل دول العالم، وخصوصاً «العربي» تظل المرأة في الصف الثاني، ولا يضعها في هذا الصف تيار فكري معين، بل إن كل التيارات وغير المنتمين لها أيضا، وحتى مدعي التنوير والليبرالية، يحاولون استخدام قضايا المرأة لمصالح شخصية، ولم تسلم المرأة من المرأة نفسها، إذ نجد في السنوات الأخيرة خصوصاً لدينا في السعودية قد برزت أسماء نسائية تحت مسمى: «ناشطة في حقوق المرأة»، وحتى الآن لا أرى إلا قلة منهن مؤمنات حقاً بالحقوق وبتجرد من المصالح الشخصية أو التصفية ضد أحد «معين».
يوم غد هو يوم المرأة العالمي، وقبل أشهر أقر -خادم الحرمين الشريفين- الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حق المرأة السعودية أن تكون عضوا في مجلس الشورى في دورته المقبلة، وكذلك حق المشاركة الكاملة في المجالس البلدية، مع هذه القرارات في مجتمع لا يزال -بعض- أفراده يعتقدون أن عمل المرأة لا يتجاوز البيت والمطبخ، أطرح سؤالاً.. ماذا أعددنا؟ أين برامج التوعية الدينية والاجتماعية؟ أين الحملات الإعلامية المنظمة والمُعدة على أساس أكاديمي لتجهيز الناس لهذا الظهور الجديد للمرأة؟
ما زال المجتمع المحلي والعربي بعيداً عن الحراك المنظم، وتدخل المرأة عشوائياً داخل صراعات تزيد قضاياها تعقيداً ولا تقدم أي حلول! لذا، وبهذه المناسبة أريد أن أقول للمتصارعين فكريا: اتركوا قضايا المرأة بعيداً عن صراعكم ومصالحكم الشخصية.. أرجوكم!
www.salmogren.net