لم يكن الاجتماع الوزاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي شهدته مدينة الرياض، ورأسه الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري، اجتماعاً عادياً، رغم أنه اجتماع دوري مبرمج ضمن الاجتماعات المعروف مواقيتها، إلا أن طبيعة الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية وإقليم الخليج العربي ما طرح على الاجتماع من مواضيع، وبالذات تقرير اجتماع الهيئة المتخصصة المعنية بالانتقال إلى الاتحاد الخليجي، والتي عقدت في اجتماعها الأسبوع الماضي في الرياض برئاسة وزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس وفد المملكة في الهيئة الدكتور مساعد العيبان، جعلت من الاجتماع الدوري للمجلس الوزاري لمجلس التعاون اجتماعاً مميزاً ومهماً، ستكون لمدولات وزراء الخارجية الذين يشكِّلون المجلس وما اتفقوا عليه تأثير إيجابي على ما ستشهده المنطقة العربية من أحداث واجتماعات.
فبالإضافة إلى دراسة تقرير الهيئة المتخصصة المعنية بالانتقال إلى الاتحاد الخليجي، والذي سيحدد معالم الطريق وبدء التحرك العملي لتحقيق هذا المطمح الخليجي، فإن المجلس الوزاري قد وضع ما يمكن وصفه بإستراتيجية التحرك لمعالجة القضايا العربية التي تتطلب حلولاً ناجعة وإيجابية، وبالذات الوضع في سورية، والقضية الفلسطينية، وبالذات ما تواجهه مدينة القدس من تسريع لتهويد المدينة المقدسة.
إستراتيجية التحرك الخليجي، والتي يؤول عليه السوريون والفلسطينيون بالذات، كون دول الخليج العربي أكثر القوى الإقليمية تماسكاً والأكثر تفاهماً، ولهذا فإنَّ وزراء خارجية دول المجلس لا بد وأنهم قد صاغوا موقفاً موحداً قبل لقائهم الأربعاء القادم في الرياض مع وزير الخارجية الروسي لبحث الوضع في سوريا، كما بحث الوزارء مستوى التمثيل في قمة بغداد في حال توفر الأسباب والظروف.
ومثلما كان الوضع في سورية حاضراً في اجتماع المجلس الوزاري، فإنَّ بحث مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية والتجاوزات التي ترتكب لتسريع تهويد مدينة القدس قد أخذ جانباً كبيراً من مباحثات وزراء الخارجية.
ولهذا فإنَّ اجتماع الأمس، والذي حظي باهتمام ومتابعة الدوائر السياسية الدولية والإقليمية، سيشكل مفصلاً مهماً في جهود دول مجلس التعاون لتحريك القضايا العربية إيجابياً، وتفعيل العمل العربي المشترك، وصولاً لمعالجة القضايا العربية الملحة والتي لن تجد خيراً من دول الخليج العربية التي أثبتت الأحداث قدرتها وإخلاصها لخدمة القضايا العربية.