الشهادات التي قدمها الصحفيون الغربيون، الذين أُمكن إجلاؤهم من سوريا بعد أن عاشوا أشبه بالجحيم في مدينة حمص، أوضحت الأسباب التي جعلت نظام بشار الأسد يغلق الأراضي السورية في وجه رجال الإعلام والصحفيين العرب والأجانب؛ فالنظام الذي يطبِّق خططاً مبرمجة لإبادة كل من يعارضه لا يريد أن يعرف العالم ما يحصل في سوريا من جرائم ومن مشاركة وتواطؤ الأنظمة التي تدعم نظام بشار الأسد، التي لم تكتفِ بإرسال الأسلحة والأموال لمساعدة كتائب بشار الأسد، بل كشفت الأقمار الصناعية أن مجاميع بشرية من إيران والمليشيات الطائفية في العراق ولبنان تشارك فعلياً في عمليات القمع والقتل في سوريا.
الصحفيون الغربيون الذين وصلوا إلى فرنسا وبريطانيا رووا قصصاً مرعبة عن الأعمال التي تقوم بها القوات النظامية السورية التي يوجهها ويشارك في أعمالها ضباط ومتخصصون إيرانيون في مواجهة الاحتجاجات والتظاهرات؛ فهؤلاء الصحفيون شاهدوا جرحى إيرانيين أُصيبوا في مواجهات مع المتظاهرين السوريين. هؤلاء الإيرانيون الذين يوجهون القطاعات العسكرية التابعة لكتائب الأسد، والذين لا ينتمون للمحيط السوري، ولا يشعرون بأي تعاطف مع أهالي المدن السورية، يرتكبون جرائم ضد الإنسانية، ويوجهون الكتائب العسكرية التابعة لنظام بشار الأسد باستعمال أشد الأسلحة فتكاً، فإضافة إلى قصف المدن بمدافع الميدان تم التوسع في استعمال راجمات الصواريخ التي دمَّرت أحياء بكاملها في حمص والرستن والزبداني، وقد استعملت هذه الكتائب قذائف المدفعية لضرب التظاهرات؛ ما أدى إلى قتل مئات المتظاهرين، الذين تناثرت أشلاء أجسادهم وقُطعت رؤوسهم، متجاوزين كل المحاذير الدولية التي منعت استعمال الرصاص الحي لمواجهة المتظاهرين، في حين تقوم قوات بشار الأسد بإطلاق قذائف المدفعية على المتظاهرين في سابقة لم تشهدها حتى الدول الأكثر قمعية.
جرائم نظام بشار الأسد والتدخل الأجنبي من قِبل النظام الإيراني الذي أرسل قوات عسكرية متخصصة في مواجهة وقتل المتظاهرين والمليشيات الطائفية كانا السبب الأساسي في إقفال الأراضي السورية أمام الصحفيين، وقتل من استطاع التسلل إلى المدن السورية من خلال استهداف دقيق للمراكز الصحفية مثلما حصل في حي بابا عمرو، وأدى إلى قتل الصحفية الأمريكية وزميلها المصور البريطاني، وقبل ذلك الصحفي الفرنسي.
كل هذا يؤكد نقطتَيْن مهمتَيْن، حاول نظام بشار الأسد إخفاءهما عن أنظار العالم، إلا أن الصحفيين الغربيين كشفوهما، وهما:
1- التدخل الأجنبي السافر من قِبل الإيرانيين عسكرياً بالأفراد والآليات والأموال، وبمشاركة مكثفة للمليشيات الطائفية.
2- ارتكاب كتائب الأسد جرائم حرب فاقت كل ما هو معروف، ومنها مواجهة المتظاهرين بقذائف المدفعية.
أمام هذه المعلومات فإن المجتمع الدولي أمام مسؤولية أدبية وأخلاقية بالتحرك لإنقاذ الشعب السوري من الإبادة الجماعية التي يتعرض لها، بمشاركة أجنبية مؤكدة من الإيرانيين، وهذا يُسقط الادعاءات ومحاذير التدخل العسكري الدولي لوقف جرائم نظام بشار الأسد؛ فالتدخل الأجنبي حاصل، ويتم ويعلمه الجميع، ولكن لإبادة السوريين، وليس لإنقاذهم..!!
jaser@al-jazirah.com.sa