كثير منا قد يرى حقه يضيع أمام عينيه وينظر إليه وهو يتهاوى ويكون عاجزاً عن أخذه لأي سبب.
حياتنا ممتلئة بضياع الحقوق بأيدينا أو بأيدي غيرنا؛ فهي تضيع؛ فنحن محترفون بشكل كبير في ذلك.
محترفون في ضياع حقوقنا وضياع حقوق الآخرين، وغالباً ما تتواجد المبررات اللحظية في كلتا الحالتين، سواء إذا كنا نضيع حقاً من حقوقنا أم حقاً من حقوق الآخرين.
ومن الأسباب المضيعة للحقوق هو الخوف من ردة فعل الطرف الآخر أو الخجل منه أو الجهل بكيفية استرداد الحقوق الذي غالباً يعتبر طلب الحق بمثابة خروج عن النص أو عن الاحترام، وأحياناً يعتبر بمثابة تخل عن الأخلاق الحميدة؛ فتخرس الألسنة وتقف عاجزة ويضيع الحق أمام أعين صاحبها.
وغالباً ما يحاول صاحب الحق الضائع تبرير ضياع حقه بأن حقه لم يضع لأي سبب من الأسباب ومن ضمن الأسباب المبررة لصاحب الحق الضائع ليسلي ويرضي نفسه بأن يرى أنه قد فعل خيراً حتى ولو لم يكن خيراً يقصده أو لم يكن خيراً في حد ذاته رغم أمنيته المستمرة برجوع حقه حتى ولو بيد غيره.
كثير منا في مثل هذه الحالات لا يدرك من هو على صواب ومن هو مخطئ، هل المطالب لحقه بقوة وتعنت وحزم وغير المفرط في جزء من حقه أم من يلوم على جرأته على من عنده الحق وتجاهل اعتبارات كثيرة تمنعه من المطالبة في وجهة نظر الكثيرين؟
هذا إن تم إجماع الرأي أن هذا الحق ملك لطرف أو لجهة معينة؛ لأننا في الغالب نختلف في رؤية صاحب الحق، وكثيرا أن الحق له ألف أب، وكل شيء يُفلسف بحكمة واقتدار ليتحول الحق من دفة إلى دفة، ومن طرف إلى طرف.. ثقافة الحقوق هي ثقافة نفتقدها بشكل كبير جداً في مجتمعاتنا العربية والإسلامية بشكل عام، ولعلها تكون هي من أهم أنواع الثقافات التي يحتاج إليها الإنسان بشكل عام، حيث إننا نحتاج إلى تطبيقها في معظم الأوقات والظروف حيث إن الاختلاف في الحقوق يكون في معظم الأوقات والظروف..
ثقافة الحقوق تعتمد في الأساس على الحرص الكبير على جميع الحقوق.. فيكون الشخص مهتماً بالحفاظ على حقوق غيره قبل حقوقه ويدافع عن حقوق غيره كالدفاع تماماً عن حقه أو أكثر.... فرغم أنه دائماً يُرى المحافظ على حقوق غيره بأن ذلك طبيعي، يُرى من يطالب بحقه أنه جاحد وجشع.. وللأسف مَن يتمتع بهذه الثقافة ويطبقها يراه من يطمع به أنه شاذ عن القاعدة العامة والمألوفة أو يرى أنه إنسان كاره لمن حوله لا يعرف معنى التسامح لا يمكن مصادقته. ومن يتمتع بقواعد هذه الثقافة يكون حريصاً على حقوق من حوله بقدر الحفاظ على حقوقه؛ فيعرف ما له وما عليه ويؤدي واجباته تجاه من حوله، ويطالب بكل حقوقه حتى من أقرب الأقربين ولا يعرف الخجل طريقاً له.
مَن يمتلك هذه الثقافة غالباً ما يكون على قدركبير من النضج والوعي والإدراك والشعور بغيره ومعرفته الجيدة بما له وما عليه؛ فيتمتع بمعرفة حقوق الآخرين قبل حقه، ولا يرضى بأن يقبل على نفسه ما ليس له حق فيه، ويتألم إذا شعر بأنه ظلم غيره كشعوره بالظلم من قبل الآخرين تماماً. لا أدري لماذا يندر وجود مثل هذه الثقافة في مجتمعنا؟ كثيراً ما نجد أناساً يستحلون ما ليس لهم حق فيه، ويفرحون بما ينالون، ولو بسيف الحياء، ويعتبرونه حقاً، وما أخذ بسيف الحياء فهو باطل، وتكمن المشكلة في هذه الحالة من الطرفين، سواء ممن استحى أن يمنع، وممن استخدم الحياء سيفاً له. نفتقر إلى معرفة حقوقنا في المنع ونفتقر إلى معرفة حقوقنا في جلب حقوقنا من غيرن ونفتقر إلى معرفة حقوق غيرنا والمحافظة عليها ونفتقر إلى معرفة حقوق غيرنا في المنع..؟
أمور متشابكة ومعقدة نفتقر إلى معرفتها والإيمان بها ونعتبرها - بكل أسف - ضد الحياء والعادات والتقاليد والآداب العامة، ونعتبر منع العطاء من قبيل قلة الذوق أحياناً، وفي نفس الوقت نعتبر المطالبة بالحق جحوداً.
يعتبر مَن يطالب بالعطاء حقاً أصيلاً له في نفس الوقت الذي يعتبر رجوع الحق خسارة أن الناس جميعاً يولدون أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق والواجبات، ولكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة، دونما تمييز من أي نوع، ولاسيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أوالدين، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر، وفضلاً عن ذلك لا يجوز التمييز على أساس الوضع القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلاً أو موضوعاً تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو خاضعاً لأي قيد آخر على سيادته ولكل فرد حق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه.. إن ميلاد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان شكل إنجازاً إنسانياً مهماً أصبح بمثابة نقطة تحول أساسية في طريق التضامن والتعاون الدولي، كنتيجة طبيعية للتفاعل الإيجابي بين مختلف الحضارات والثقافات والأديان. وشكل في الوقت نفسه القاعدة القانونية العامة التي تعتبر المصدر الرئيس الذي تتفرع عنه كل الإعلانات والاتفاقيات الدولية والإقليمية حول حقوق الإنسان. وقبل هذا وبعده فقد تفوق الدين الإسلامي في حفظ الحقوق والواجبات لجميع البشر.
إن القانون الصالح هو الذي يحقق:
1- الحرية.
2- العدالة.
3- المساواة.
4- تكافؤ الفرص.
5- الرفاهية.
6- الرقابة والمساءلة.
7- المكافأة والعقاب.