بعد أن نشرتْ "الجزيرة" ما كتبته في هذه الزاوية يوم الاثنين الموافق 28-3-1433 تحت عنوان "المعونة.. وأمراض الاقتصاد"، تلقيتُ بعض التعليقات والمداخلات عبر بريدي الإليكتروني. وقد استنتجت من مضمون بعض تلك التعليقات والمداخلات أن مرسليها مصريون ومصريات من إخواننا وأخواتنا المقيمين في المملكة، وحرصت ما أمكنني أن أرد عليها برسائل شخصية.
وكان من الطبيعي أن يتفاعل هؤلاء الإخوة والأخوات إذ إن المقال كان عن المعونة الأجنبية لمصر وذلك على هامش الجدل الدائر في مصر حول المساعدات الأمريكية وتهديد بعض السياسيين الأمريكيين بقطعها، وما تلى ذلك من مبادرة للأزهر بالدعوة إلى إنشاء صندوق لدعم الاقتصاد المصري. ومجمل المقال أن المعونة قد تكون مفيدة في المدى القصير، لكن آثارها في المدى الطويل غالباً ما تكون غير جيدة.. وتلك خلاصةُ تجربةِ دول عديدة بما فيها التجربة المصرية ومن خلال ما أثبتته دراسات باحثين مصريين متخصصين في الشأن الاقتصادي.
بعض الرسائل كان يحمل شيئاً من العتب على العرب وعلى المملكة ويطلب منها أن تقف إلى جانب مصر لمواجهة ظروفها الحالية. وقد بدا لي أن الانطباع العام هو أن مصر لم تتلق دعماً مالياً من المملكة أو من الدول العربية الأخرى، وهذا هو أيضا ما يتولد لدى أي متابع لما تنشره وتبثه بعض وسائل الإعلام. وقد جاء التصريح المنسوب، قبل أيام، إلى رئيس الوزراء المصري الدكتور كمال الجنزوري من أن وعود المساعدات المالية العربية والأجنبية لم يتحقق منها شيء.. جاء هذا التصريح ليُقَوِّي تلك الانطباعات.
بعد ذلك، صدر -وبتوقيت جيد- توضيح وزير خارجية المملكة الأمير سعود الفيصل بشأن ما نُسب للدكتور الجنزوري خلاصته الآتي:
1 - التزمت المملكة بدعم مصر لمواجهة التحديات التي يعاني منها الاقتصاد المصري من خلال حزمة من المساعدات التي بلغت 3750000000 دولار (ثلاثة مليارات وسبعمائة وخمسين مليون دولار).
2 - حوَّلت المملكة 500000000 دولار (خمسمائة مليون دولار) منحة لدعم الميزانية المصرية لحساب وزارة المالية المصرية في البنك المركزي المصري بتاريخ 13-6-1432هـ الموافق 16-5-2011م.
3 - بعثت المملكة وفداً من الصندوق السعودي للتنمية إلى مصر لبحث العناصر التنموية من هذه الحزمة التي تبلغ 1450000000 دولار (ملياراً وأربعمائة وخمسين مليون دولار)، وتم توقيع مذكرة تفاهم بشأنها لاستكمال إجراءات التنفيذ، إلا أن الجانب المصري لم يتمكن من ذلك لأسباب داخلية مقترحاً منهجية بديلة وافق عليها الطرف السعودي بشرط حصول وزارة التعاون الدولي المصرية على الموافقات اللازمة من الجهات المصرية المختصة.
4 - فيما يخص ما تبقى من حزمة المساعدات المتعلقة بالوديعة في البنك المركزي وشراء سندات الخزينة المصرية، خاطب وزير المالية السعودي نظيره المصري بتاريخ 9-9-1432هـ الموافق 9-8-2011م طالباً إرسال فريق فني مصري لإنهاء إجراءاتهما. ومرة ثانية، ذكَّر وزير المالية السعودي نظيره المصري السابق بهذا الشأن.
5 - بالإضافة إلى ما أشير إليه، قدمت المملكة مساعدات عينية تمثلت في تأمين 48000 طن متري من غاز البترول المسال.
مما تقدم يتبين أن المملكة لم ولن تتخلى عن مصر. وكمراقب للأحداث يلفت انتباهي أن كل ذلك قد حدث في ظل ظروف يكتنفها الغموض فيما يتعلق بمستقبل توجهات السياسة المصرية خلال الفترة القادمة وخصوصاً ما يتعلق بالشأن الإقليمي وما يصحب ذلك من تصريحات ومبادرات من بعض القوى الفاعلة على الساحة المصرية.
alhumaid3@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض