|
الدمام - محمد السليمان / الرياض- حواس العايد:
حذر اقتصاديون الأفراد من الشراء بسوق الأسهم، مطالبين هيئة سوق المال بوضع حد لعمليات التدوير، والعمليات الوهمية المبالغ فيها، وقال الاقتصادي خالد البواردي لـ»الجزيرة» الأسعار مرتفعة ومبالغ فيها ولا توجد قوة شرائية لدى المواطن، وشدد على من يريد الدخول في سوق الأسهم أن يكون حذرا جدا ويشتري أسهما أقل من السوق بمكرر 14.5 أو في بعض الأسهم التي مكررها اقل من 11، بشرط أن تكون تحت إدارة جيدة وذات عوائد ونمو متواصل للشركة، ومكرر الربحية أقل من مستوى السوق ويتفادى المضاربة في الأسهم المضاربة.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي الدكتورعبدالرحمن السلطان، بأن ارتفاع الأسهم يدل على أن الوضع المالي جيد مقرنا ذلك بارتفاع أسعار البترول وارتفاع الإنفاق الحكومي، وهذا ما يسبب ارتفاع الأسهم منعكسا ذلك على السوق المالية. وأشار إلى أن بقاء السوق منخفضا طول الفترة الماضية يدل على عدم الثقة بالسوق، جراء انهياره عام 2006 ، فالآن هو في الوضع الطبيعي الذي يجب أن يكون عليه السوق السعودي، مؤكدا بأن المشكلة الحالية التي تواجه سوق الأسهم بعد ارتفاعه هي في أسهم المضاربة التي لا تعكس ثقة المستثمر ولكنها فرصة للمضاربين للتلاعب، ويجب أن يكون هناك ضبط من قبل هيئة سوق المال لمثل هذه التلاعبات التي اطمأن ممارسوها بغياب هيئة سوق المال في الفترة الحالية، وذلك من خلال عمليات التدوير والعمليات الوهمية المبالغ فيها.
وبين بأن من الملاحظ ارتفاع العقار؛ حيث وصلت الأسعار لارتفاعات غير معقولة، حيث إن المخاطرة عالية وحدث نوع من التحويل إلى الأسهم التي تحمل فرص عالية ولكن الإشكالية تكمن في المضاربة التي ذكرتها آنفا، وأشار السلطان إلى أن المواطن الذي يريد الدخول في سوق الأسهم حاليا، يجب أن ينتقي الاسم الجيد والأمن وان تكن نظرته بعيدة المدى .
من ناحيته أكد الاقتصادي فضل البوعينين أن ارتفاعات سوق الأسهم لم تكن مفاجئة للمطلعين على حركات الأسواق المالية، والدورات الاقتصادية، والمتابعين لأرباح الشركات وانعكاساتها على أسعار الأسهم، وأداء السوق بشكل عام وأعتقد أن السوق السعودية بدأت بالفعل حركة النمو الممنهج، وهذا لا يعني انفلات الأداء، أو العودة إلى المستويات القياسية، ولكن يعني أن تحقق السوق بمجملها نمواً سنويا يعوضها بعض خسائرها الماضية.
وأشار إلى أن ما حصل مؤخرا في السوق المالية ليس استثناء بل مطابقا لما يحدث في الأسواق العالمية أيضا، فداوجونز أخترق حاجز 13 ألف نقطة برغم المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها الولايات المتحدة الأميركية، في الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد السعودي نموا مطردا خلال السنوات الخمس الماضية، وهذا لم ينعكس أبدا على أداء السوق.
لذا فمن الطبيعي أن تستفيد السوق السعودية من الجوانب الإيجابية التي لم تستفد منها من قبل،إضافة إلى ذلك فقرب فتح السوق للاستثمارات الأجنبية المباشرة من غير المقيمين، ساعد كثيرا في تحقيق السوق لمكاسب كانت مستحقة، إلا أن البعض بالغ في تأجيلها لأسباب متفرقة. أعتقد أن أي تحسن في السوق ما لم يرتبط برفع معدلات الثقة سيضر بالسوق أكثر من إفادته لها؛ فالصعود الأخير بات المحفز الأول لدخول السيولة وعودة المتداولين والمستثمرين تدريجيا للسوق، وهذه العودة يجب أن تكون دائمة لا وقتية، وللوصول إلى الديمومة فلا بد من الوصول إلى تحقيق الصناعة المُنضبطة لسوق الأسهم السعودية .
وأضاف بأن الاعتماد على كبار المضاربين، أو تجار العقار لن يزيد السوق إلا سوء، ولن يكسب صغار المتداولين إلا الخسائر الفادحة، وكل ما أخشاه أن تعود السوق إلى عاداتها السيئة فيما يتعلق بالمجموعات، واستهداف أسهم المضاربة لتحقيق أرباح رأسمالية تعتمد على التوجيه وبيوع النجش لا الاستثمار الحقيقي، وكثير من صغار المستثمرين تناسوا ألم الانهيار وعادوا من جديد بهدف تعويض بعض الخسائر، وكل ما أخشاه أن تتضاعف خسائرهم بسبب كبار المضاربين، الذين يطبقون في الغالب نظرية «أنا ومن بعدي الطوفان».
وتابع: لا نريد لسوق الأسهم أن تتحول إلى طاولة روليت، أو صالة للقمار، تتسبب في حرق أموال المستثمرين بل نريدها أن تتحول إلى سوق موثوقة تساعد على تعظيم الثروات، ودعم قطاعات الإنتاج، وتحقيق الهدف الأسمى من إقامتها، ومثل هذا لن يتحقق ما لم يكن هناك صانع للسوق يمكن من خلاله ضبط حركة السوق ومساعدتها على الاستقرار، والحركة المنضبطة بعيدا عن الشطحات الحادة. وقد كنا في حاجة ماسة لإيجاد صانع السوق الرسمي من قبل، إلا أننا أكثر حاجة لوجوده اليوم وقبل أن تفتح للاستثمار الأجنبي المباشر من غير المقيمين.
وقال: أعتقد أن هيئة السوق المالية قامت بأعمال متميزة خلال السنوات الماضية، إلا أن اكتمال العمل لن يحصل ما لم تسعى الهيئة لدراسة موضوع «صانع السوق» والاستئناس بما هو مطبق في الأسواق العالمية ومحاولة تطبيقه محليا لما فيه من مصلحة عامة للجميع.
وأشار إلى أن السوق ما زالت في بداية نموها الحقيقي، وأتوقع أن تحقق كثير من الأسهم مكاسب جيدة للمستثمرين، وسيرتبط ذلك بحجم السيولة التي أعتقد أنها ستنمو باضطراد، متزامنة مع ارتفاع أسعار الأسهم التي أعتبرها المُحفز الأول للسيولة الحالية، والمستقبلية المتوقعة.
وعن دخول الأجانب إلى السوق الماليه قال الدكتورالسلطان: هو مبرر في حالة كون الاقتصاد يعاني من شح في السيولة المحلية، حيث يسمح دخول المستثمرين الأجانب في تحقيق هدفين مهمين؛ الأول، توفير السيولة اللازمة التي تسمح بدخول شركات جديدة إلى السوق دون تعرضه لتراجعات غير مبررة، ما يسهل عملية توسيع السوق من خلال إدراج شركات جديدة، والثاني رفع أحجام التداولات في السوق المالية، ما يجعله أكثر كفاءة وبالتالي تزداد قدرته على كسب ثقة المستثمرين، ما يفعل دور السوق المالية في النشاط الاقتصادي. وأضاف: في ظل الارتفاع الهائل في أحجام السيولة المحلية فإنه لا يوجد حاجة لقيام الاستثمارات الأجنبية في السوق المالية بأي من هذين الدورين، وستكون الاستثمارات الأجنبية على الأرجح أموال ساخنة تتجه إلى أسهم المضاربة ما يسهم في حدة تذبذب السوق، وتعرضه إلى انتكاسة في حال انسحاب هؤلاء المستثمرين من السوق لأي سبب كان، وطالما لم تبذل جهود حقيقية من قبل هيئة السوق المالية لضبط تداولات السوق ومحاربة المتلاعبين فيه فإنها لا تستطيع أن تضمن أن يكون هناك أي إيجابية لفتح السوق أمام الاستثمارات الأجنبية فهي على الأغلب لن تكون سيولة استثمارية بل ستكون أموال ساخنة شديدة الخطورة.
وأفاد الدكتور السلطان: الحقيقة أن من أبرز سلبيات الأموال الساخنة هو أنها تدخل عندما يكون الاقتصاد في حالة انتعاش، وعدم حاجته لتلك الأموال، ويجتذبها فقط فرص الربح السريع، إلا أنها تخرج في أحلك وأحرج الظروف في وقت يكون الاقتصاد في أمس الحاجة إلى بقائها، حيث يتسبب خروجها في ضغط كبير على النظام المالي وهدر للفوائض المالية دفعاً عن العملة المحلية.
وعلينا أن ندرك أن من أهم أسباب تأثرنا المحدود نسبيا بأزمة المال العالمية عام 2008 هو انغلاق سوقنا المالية، واقتصادنا بشكل عام أمام الأموال الساخنة، على خلاف دول خليجية أخرى كان تأثرها أكبر بكثير بسبب خروج الاستثمارات الأجنبية من أسواقها المالية وأسواق عقاراتها. ما يعني ضرورة التأكد من أن أي خطوات تتخذ بهدف فتح اقتصادنا أمام الاستثمار الأجنبي أن تضمن أن تكون هذه الاستثمارات مقصورة فقط على الاستثمار في مشروعات الاقتصاد الحقيقي، لا استثمارات مالية قصيرة المدى تهدف للربح السريع وتهرب عند بوادر ظهور أي أزمة، فهذا النوع من الاستثمارات يجب أن تغلق كافة الأبواب في وجهه تماما إن كان لنا أن نحمي اقتصادنا من تأثيراته الكارثية مستقبلا.