أكد الأمير خالد الفيصل؛ أمير منطقة مكة المكرمة؛ في ورشة عمل «التجارب الناجحة ومقومات النجاح في تنفيذ المشاريع» التي أُقيمت في غرفة تجارة وصناعة جدة؛ أن «تجربته أثبتت أن عوائق نجاح التنمية كثيرة، منها عدم وجود التنسيق بين القطاعات الحكومية، إضافة إلى بعض الأنظمة التي يجب أن يتم تحديثها، وتفشي ثقافة الإحباط ووجود فئة من المحبطين الذين يرغبون في إيقاف التنمية لسبب أو لآخر». للأمير خالد الفيصل تجربة واسعة في التنمية، ومعوقاتها؛ كما أن له خبرة مُتجذرة في إدارة المناطق ومعرفة تامة بالأنظمة وأساليب عمل الإدارات الحكومية؛ إضافة إلى ما يتمتع به من فكر مُنفتح، ورؤية تنموية شاملة؛ تجعله أكثر قدرة وتخصصاً في طرح معوقات التنمية، التي أعتقد أَنَّه تغلب على بعضها مؤخراً، برؤيته الثاقبة، وكفاءته وإصراره على إحداث التغيير.
طالما أن ورشة العمل ركزت على «التجارب الناجحة ومقومات النجاح في تنفيذ المشاريع» فمن المفيد أن نعيد طرح التجربة الناجحة للهيئة الملكية للجبيل وينبع في التنمية المدنية والصناعية، وما حققته في مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين. أجزم بأن الهيئة الملكية حققت من النجاح التنموي، ما لم يتحقق من قبل على مستوى المملكة، ونجحت في تجاوز مُعوق تنسيق المشروعات بدمجها المشروعات الخدمية المتفرقة في مشروع واحد متكامل. تُرى ما الذي يُميز أداء الهيئة الملكية عن باقي المؤسسات والإدارات الحكومية؟. أعتقد أن الإدارة الشاملة، الاستقلالية المنضبطة، التخطيط المُتقن، الكفاءة، الرقابة الصارمة، الاستعانة بالخبرات الأجنبية، والإخلاص في العمل هو ما يُميزها ويضمن لها -بعد الله- جودة المخرجات التنموية.
الشهادات الدولية أنصفت الهيئة الملكية في حسن إدارتها المدينة الصناعية الأولى في المملكة، ومكنتها من تسنم المركز الأول في تصنيفات المدن، وتنفيذ المشروعات الضخمة. ما قامت به الهيئة الملكية للجبيل وينبع جعلها تتقدم المؤسسات الحكومية كفاءة ومقدرة في استيعاب الكم الأكبر من مشروعات التنمية مع ضمان جودة المخرجات. للهيئة الملكية أسلوب إداري يجمع بين الانضباطية والكفاءة والتخطيط الشامل والاعتماد على الدراسات العلمية والاستشارات العالمية.
النجاح بدأ من إسناد إدارة التنمية بمكوناتها للهيئة، دون تدخل من الوزارات الخدمية، التي أحسب أنها جزء من المعوقات؛ لا الحلول!. منظومة الهيئة الملكية تشتمل على إدارات متخصصة في التخطيط، الصحة، التعليم، الطرق، الشؤون البلدية، الشؤون الاجتماعية، إدارة المشاريع وغيرها من الخدمات، أي إننا نتحدث عن وزارات مُصغرة تعمل تحت مظلة واحدة. ذلك الأسلوب الإداري الفريد سمح للهيئة الملكية تحقيق التنسيق الأمثل بين إداراتها الخاضعة لرئاسة واحدة، لا لمسؤولية وزارات مختلفة؛ إضافة إلى ذلك فتخصيص ميزانية شاملة للهيئة سمح لها باعتماد آلية المشروعات المتكاملة وتنفيذها بسهولة على أرض الواقع. على الرغم من الكفاءات البشرية في الهيئة، إلا أنها آمنت بالتجارب الدولية في مجالات التنمية الحديثة، واستعانات بكبرى الشركات العالمية وأسندت لها مسؤولية التخطيط والإشراف والدعم والمساندة؛ الشراكة التنموية بين الهيئة الملكية وشركة بكتل العالمية أسهمت في بناء مدينة عصرية بمواصفات عالمية فريدة. الأموال التي أنفقتها الدولة على الجبيل الصناعية هي الأموال نفسها التي تنفقها على مشروعات التنمية الأخرى، إلا أن مخرجات التنمية في الجبيل لا تُقارن بأي حال من الأحوال بمخرجات التنمية في المدن الأخرى. الإنفاق الاستثماري في الجبيل ضمن للحكومة تحقيق 13 ريالاً مقابل كل ريال أُنفق على المدينة، وبذلك ضمنت الحكومة تحقيق نتائج مزدوجة؛ التنمية والاستثمار في آن.
تُرى ماذا لو استنسخنا التجربة الناجحة للهيئة الملكية للجبيل وينبع في جميع مدن المملكة؟!؛ ماذا لو تعاملت الحكومة مع أمراء المناطق فيما يخص التنمية كتعاملها المسبق مع الهيئة الملكية، بحيث تخصص الميزانية المتكاملة، وتسند لأمراء المناطق طرح مشروعات التنمية المتكاملة، بدلاًَ من المشروعات المتفرقة التي تؤثر سلباً في بعضها البعض، لأسباب مرتبطة بغياب التنسيق. لو كنت مسؤولاً عن غرفة جدة لاكتفيت بطرح تجربة الهيئة الملكية الرائدة والمتميزة في التنمية كموضوع وحيد لورشة العمل؛ فالمحاكاة أسلوب ناجع للتغيير والإصلاح. ولو كان لي من أمر التنمية شيء لأمرت بتطبيق تجربة الهيئة الملكية للجبيل وينبع على جميع مدن المملكة، ولَسَارَعت للاستفادة من كفاءات الهيئة القيادية، والإدارية التي شاركت في تحقيق النجاح في مناصب حكومية عليا كي تعم الفائدة على الوطن والمواطنين.
f.albuainain@hotmail.com