اطلعت على مقال الأستاذ سلمان بن محمد العُمري المنشور في صحيفة الجزيرة العدد 14372 يوم الجمعة وتاريخ 11-3-1433هـ، والذي كان يدور حول المشاكل الاجتماعية المتعددة في المجتمع كمشكلة العنوسة وارتفاع نسبة الطلاق وتأخر زواج الفتيات وجميع هذه المشاكل لها ارتباط قوى بالبناء الاجتماعي الأسري.
ومن خلال قراءتي وخبراتي أجد أولاً: أنه ينبغي ملاحظة أن التعدد أمر مقرر شرعاً، وإذا وردت مناقشة عليه يجب أن لا يكون الاعتراض عاماً مما يوحي بالاعتراض على هذا الأصل الشرعي، فلا ينبغي القول مثلا: بأن التعدد مرفوض بل يقال: أنا عن نفسي لا أقبل بأن يكون زوجي معدداً، ونحو ذلك... أو لا أعتقد بأن التعدد مناسب لهذا الشخص أو هذه الفئة، لكي يعلم أن النقد يتعلق بالأشخاص أو تصرفاتهم لا بالتعدد ذاته مع ملاحظة طبيعة المرأة من ناحية شعورها، وأن لا نطالبها بضرورة القبول والفرح بأن زوجها سيتزوج بأخرى، إذ إن هذا الشعور من الطبيعة والجبلة التي خلقت عليها، ولكن ينبغي في الوقت ذاته عدم تحميل الأمر أكثر مما يحتمل، فالرضا شيء والقناعة شيء آخر.
ثانياً: ينبغي النظر إلى التعدد نظرة أعمق من النظرة المتعجلة، فينظر له من خلال التساؤلات الآتية مثلاً:
- هل التعدد حل لظاهرة العنوسة أو لا ؟ مع بيان الأسباب لذلك.
- هل التعدد حل لقلة الرجال مقارنة بالنساء؟
- هل التعدد حل للمرأة المريضة، أو العقيمة، أو أن الطلاق بالنسبة لها أفضل.
وهكذا.. يقع من الرجال عملاً ولا شك أنه تصرف خاطئ يعود على الشخص ذاته، ولا يمتد ليصم النظام بالخلل كما هو الحال بالنسبة لسائر المشاريع الإنسانية.
ثالثاً: أن لا يركز على التعدد على أنه عقوبة للمرأة، أو لنقص بها وهذا قد يوقع من النساء ظنا فتعترض على أن هذا العقاب لا تستحقه، وهو في واقع الحال ليس إلا رغبة مجردة من الرجل لستر امرأة فقيرة مثلا.
وتقول الدكتور نورة السعد: (ولابد من التأكيد على ضرورة دراسة فقه التعدد وإدخالها في مناهج الثقافة الجامعية وعدم إبرازها كنوع من العقوبة للزوجة الأولى أو دليل على وجود نقصان أو خلل بها لأن الحكمة ليست كذلك أبداً).
رابعاً: إبعاد النظرة العاطفية عند إبداء الرأي قدر الإمكان، لكي لا تقع تجاوزات لفظية يندم عليها.
خامساً: التصرفات الخاطئة من بعض الرجال في هذا الأمر لا يجعله محل نقد، بل يقتصر النقد عليهم فقط، فالزواج من زوجة واحدة يحصل فيه تجاوزات وظلم للمرأة، فهل هذا يسوغ لنا وصف مشروع الزواج بالفشل.
سادساً: بالنسبة للرجال يجب النظرة للتعدد نظرة صحيحة، فهو ليس للمتعة والتشدق في المجالس، بل هو أكبر من ذلك، هو حل للنساء اللائي فاتهن الزواج في سن مبكرة، والمطلقة، والأرملة.
وينبغي أخذ القدوة في ذلك من الرسول عليه الصلاة والسلام فلم يتزوج بكراً إلا عائشة - رضي الله عنها.
فما أحرى بالرجال أن يسلكوا هذا الطريق، إذ لو سلكوه لحلت مشاكل اجتماعية خطيرة، وكثيرة في المجتمعات الإسلامية، ولكانت المشاكل الأسرية المتعلقة بهذا الأمر والتي أعيت الخبراء الاجتماعيين والنفسيين لم توجد أصلاً.
سابعاً: التعدد لصالح المرأة من حيث النظرة المتأنية، ولصالح المجتمع أيضاً وليتصور كل واحد أخته أو ابنته فاتها قطار الزوجية لسبب من الأسباب، أو لنتصور حال تلك الأرملة أو المطلقة التي كان من قدر الله تعالى عليها أن تصبح كذلك فمن سيقدم على الزواج من تلك النساء؟ هل سيقدم عليهم شاب في مقتبل عمره؟ وماذا لو أن الله لم يشرع التعدد ما هو مصير أولئك النسوة اللاتي ينتظرن؟ فلهذا يتبين أن التعدد هو لصالح المرأة أولا قبل أن يكون لصالح الرجل.
د. عواطف الظفر - أستاذة المناهج وطرق التدريس المساعد كلية التربية - جامعة الملك فيصل