اليوم أكتب عن عروس الشمال.. حائل.
ولكني الآن أحتاركيف أكتب ما يرضي القارئ ويفيده.. ويمتعه بهذه المناظر التي تستحق أن تحظى بعناية خاصة فعلاً.. أقول ماذا أكتب ولا أملك من سلاح غير مشاهدات تعتمد على عينين أكلتهما حروف الكلمات.. وغير ملاحظات أدوّنها في مفكرتي.. لا أجد الآن رابطاً بينها يعين على هذا الاستطلاع المتواضع. غير أني لن أعدم الحيلة.. سأحاول أن أقرأ بعض ما كتب عن حائل.. وقد يكون غريباً أن أقرأ شيئاً مما كتبه الأجانب والمستشرقون.. وهذه لعمري واحدة من العيوب القاتلة هنا.. وهي جهلنا ببلادنا.. وهو الشيء الذي لا يجب أن يكون إطلاقاً.
في بداية هذه السنة.. توجهنا إلى حائل بدعوة كريمة لزيارة المنطقة.. وقد كنت مسروراً جداً لأنني كنت أنوي زيارة هذا الجزء الحبيب من بلادنا.. لرغبة كانت تملأ نفسي من قبل لزيارة أجزاء عزيزة وغالية من بلادنا والكتابة عنها.
بعد ساعة وربع من الطيران المريح على متن طائرة خاصة.. وصلنا إلى حائل.. وكما كان الوداع.. كان الاستقبال حافلاً ورائعاً في مطار حائل.. كان استقبالاً معبّراً عن الأصالة العربية من الوفاء والحب.
أود قبل أن أتابع مراحل الجولة أن أذكر لمحة تاريخية موجزة عن منطقة حائل وبعض ما قيل فيها من أشعار.. وعن قبائلها.. ومساحتها وموقعها وجبالها وآثارها.. كما أود أن أذكر نبذة صغيرة عمّا قاله بعض الزوار والمستشرقون الذين أدهشتهم حائل.. بجمالها وسحرها وأدهشهم أهلها بكرمهم وشجاعتهم.
تكرر اسم حائل في كثير من الأشعار العربية والمعاجم اللغوية فمن ذلك قول أحد شعراء الجاهلية وهو امرؤ القيس:
تبيت لبوني بالقرية آمنا
وأسرحها غبا بأكتاف حائل
وقال أحد الأعراب النازحين إلى العراق:
لعمري لنور الاقحوان بحائل
وسور الخزامى من آلاء وعرفج
أحب إلينا يا حمية بن مالك
من الورد والخيري ودهن البنفسج
كذلك قول نصيب بذكر حائل:
لعمري على موت الأحبة نظرة
ونحن بأعلى حائل في الحرائر
موقع منطقة حائل
لا شك أن منطقة حائل كانت ملتقى الحضارات التاريخية.. حضارات الآشوريين والبابليين.. كما دلتنا الآثار التي اكتشفت فيها.. فهي تقع على طريق التجارة بين شمال الجزيرة وجنوبها.. تقع على طريق الحجاج الوافدين من العراق إلى مكة المكرمة وهي في الشمال الغربي من المملكة وعاصمتها حائل.. فهي تبعد عن مكة حوالي 940كم وعن بغداد 980كم وعن المدينة 450كم وعن الرياض 740كم وعن بريدة 300كم، ويحدها من الشمال الحدود السعودية العراقية ومن الشمال الغربي منطقة الجوف.. ومن الغرب منطقة تبوك ومن الجنوب الغربي المدينة المنورة ومن الجنوب الشرقي منطقة القصيم.
قبائلها
كانت تسكن منطقة حائل في القديم قبيلة بني أسد، وكذلك قبيلة طيء وهي ذات أفخاذ متعددة منها قبيلة شمر نسبة إلى شمر بن سعد بن عبد جذيمة.. ولا زالت قبيلة شمر تسكن هذه المنطقة حتى زماننا هذا.. وقد وفد إليها حوالي القرن السابع أو الثامن الهجري قسم كبير من بني قحطان الموجودين في شرق عسير أي من وادي تثليث.. ويسمى هؤلاء الوافدون عبده.. وقد انضموا إلى سكانها الأصليين وصار يطلق على جميع القبائل التي تسكن المنطقة قبيلة شمر، حيث إنها تشكل الأساس والأكثرية.. وتقدر مساحة هذه المنطقة «حائل» بنحو 350 ألف كيلومتر مربع، وتقع حاضرتها «مدينة حائل» في سهل خصب ذي تربة صالحة للزراعة قرب السفح الشرقي لجبل آجا ويبلغ ارتفاعها حوالي 950م عن سطح البحر، ويقدر عدد السكان في المنطقة بنحو مليون نسمة منهم حوالي مئتي ألف في حائل والبقية موزعون بين القرى والهجر والبادية.
وتنقسم منطقة حائل من حيث التضاريس إلى عدة أقسام وهي:
1- الحرات البركانية في الجنوب الغربي وحرة (فيد) في الشرق وتقدر مساحتها جميعاً بعشرين ألف كم مربع.
2- سلاسل جبلية قديمة ويمكن تقسيمها إلى ما يلي:
أ- سلسلة جبل آجا غرب مدينة حائل.. ويمتد من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي.. ويمتد حوالي 90كم وعرضه 27كم.. وأعلى قمة فيه 1400م عن سطح البحر.
ب- جبل سلمى.. ويبعد عن مدينة حائل نحو 60كم إلى الجنوب الشرقي وعرضه 12كم تقريباً وارتفاع أعلى قمة فيه 1300 متر عن سطح البحر.
ج- جبل رمان الواقع جنوب حائل على بعد 80كم وامتداده نحو 45 كم وعرضه 20كم تقريباً وأعلى قمة فيه 1200 متر.
وهذه الجبال جميعها فيها مسالك للسيارات ويتخللها المزارع والنخيل والأودية وبعض القرى الصغيرة.