لا يروح بالكم لحي (أم الخير) الذي اشتهر بسبب أمطار وسيول جدة..! فالخير واجد (ولله الحمد)، فنرجو أنه تمت معالجة وضعه، ولا نأمل بتكرار تلك الأحداث وصورها المُفزعة، ودعوني أخبركم عن (أم الخير) التي أعنيها..!.
بحكم (العنزطة) والهياط حرصت أن أكون أول الصاعدين لمقاعد (الدرجة الأولى) في رحلة دبي يوم أمس رغم أنني كنت قبل أقل من (9 ساعات) فقط، محشوراً مع ركاب الدرجة (الكوحيتي) القادمة من جدة إلى الرياض، ولكن الأمر اختلف فسبحان مغير الأحوال، بكل تأكيد لست من الأثرياء وهذه التذكرة (مجانية) مقدمة لي بدعوة من إحدى الشخصيات التي تتوسم فيني (الفائدة) وتطلب المشورة في مجال تخصصي و(عبقريتي) التي لا يعترف بها إلا القليل ممن حولي ولا يؤمن بها سوى ابنتي (هلا وعُلا) اللتين تشاركاني جنون العظمة والإحساس بأن أباهن يحمل (عقلية فذة) لم يتم اكتشافها بعد..!.
أعود (للدرجة الأولى) طبعاً الهدف من الركوب المبكر ليس الخوف من (إقلاع الطائرة)، بل محاولة إلقاء نظرة (شفقة وتشفي) على معاناة ركاب الدرجة (إياها) التي كنت قابعاً بها ليلة البارحة الأول، ومن باب (وأما بنعمة ربك فحدث)، فهؤلاء لن تقدم لهم القهوة (بالدلة الصفراء) ولن تمد لهم المضيفة أنواع (السكري والبرحي) ولن يسألهم أحد: هل ترغبون (باستا إيطالية أم تورتيلا مكسيكية)؟.. فليس لهم سوى كارتون يذكر (بالتغذية) في مدارسنا قديماً بداخلها ساندويتش محشوة (بالجبن أو لبنة سادة) وكأس بلاستيك (مشروب غازي مضر بالصحة) ويقال لهم (اطفحوا) وكأن المضيفة أو المضيف (أب أو أم) يكدح لتوفير هذه اللقمة لأبنائه الركاب من مدينة لأخرى..!.
بالضبط كما يفعل البعض في منازلهم..! فحال الأزواج في البيت أيضاً درجات، هناك (الفرست كلاس) وهناك (البزنس) وأخيراً (الكونمي أو الكحيتي) وهو درجات أيضاً حتى تجد من يجلس على الجناح بدون مقعد!.
عموماً المقعدان المجاوران (في الدرجة الأولى) لي من اليسار للتذكير فقط (أنني في الدرجة الأولى) كان بهما رجل عربي وزوجته وهما (مسنـــــان)، ولاحظـــت أن الرجـل (فائق الاهتمام) بالمرأة العجوز، يمسك يدها أثناء الإقلاع وقد تشابكت وتداخلت أصابعهما المتجعدة في لحظات (رومانسية واهتمام)..!.
طبعاً (اللقافة) متأصلة في (دم) أخيكم العبقري ولا تتغير بتغير (درجة الركوب) تحرشت بالرجل أبتسم في وجهه مرة وأطلب الجريدة منه مرة أخرى (حركات ركاب السياحي) متعود على الكراسي في الخلف، المهم أن الزوجة (غفت) فتجاذبت الحديث معه قلت له: ما شاء الله يا عم، الله بخليلك المدام شكلك تحبها بمعنى (ساحبتك على وجهك).. فتنهد بهدوء واقترب مني وقال: (ها يدي أم الخير).. إنها تعيش أيامها الأخيرة حيث يئس الأطباء منها بسبب إصابتها بالسرطان، وأنا أحاول مكافأتها على تربية أطفالنا طوال هذه السنين، فقد جعلتني أعيش أميراً بدلالها واهتمامها.. واليوم أحاول رد هذا الجميل بنفس الدلال والرفاهية حتى يكتب الله أمره..!.
تذكرت فوراً تصريحات الرئيس التركي عبدالله غول عندما ذكر أنه قال لزوجته أم الخير أيضاً بعد عودته من جدة: (سأبدأ في إنقاذ مستقبل أولاد الوطن.. أما أولادنا فهم أمانة في عنقك ويجب أن تملئي هذا الفراغ)..!.
إن الحياة الزوجية درجات مثل (الطائرة تماماً) هناك من يعيش في (بحبوحة وسعادة)، وهناك من يتعارك ويصارع من أجل البقاء، حدد مقعدك ومقعد زوجتك وستنعم بالرفاهية حتى لو لم تملك (ثمن رحلة واحدة)!.
و(اللبيب بالإشارة يفهم) فكلهن (أمهات) وإن اختلف الخير بينهن..!.
وعلى دروب الخير نلتقي،،،
fahd.jleid@mbc.net