قبل ثمانية أعوام مضت من شروق شمس يوم الاثنين وبعد الطابور الصباحي وعلى مقاعد الدارسة وتمام الحصة الثانية وتحديدا في الصف الثالث ثانوي لازلت أذكر عندما طلبت منا معلمتنا أن نمسح بقايا معالم الحصة الأولى من تلك الرموز الرياضية ص وس الثنائي المجهول، لننتقل إلى لغة أكثر عصرية وبعد التحية والسلام (طلعوا الواجب) فإذا بي أبحث في حقيبتي التي تكتظ بعشرات الكتب والدفاتر عن كتاب اللغة الإنجليزية ودفتره وكان مثار دهشتي أني لم أجدهما رغم أني قضيت ليلة الأمس أقرأ وأكتب وأحفظ وبعد هذا كله نسيت الكتاب والدفتر كيف؟؟ (راحت علي نومه) ونسيت وضعه بحقيبتي فلم أجد أبيات أرثي بها نفسي في موقفي هذا إلا أن أقف لمعلمتي ملبية لنداء أحمد شوقي..
قم للمعلم وفّهِ التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
وقفت في حيرة لأستجمع بعض الكلمات لأقنع بها معلمتي سأقول لها مصارحة (حليت لكن نسيت) فلتفت إلي قبل أن انطق لها بكلمة لتسبقني بعد نظرتها الخاطفة على طاولتي الخاوية قائلة(يفداكِ الكتاب والدفتر تفضلي بالجلوس) هذه صفحة من الذاكرة وذكرى جميلة وتجربة من الحياة علمتني ولا شكّ أن حديث الذكريات ذو شجون.
دعونا نتحدث عن معنى أخر لعملية التعلم بعيدا كل البعد عن مستويات بلوم للتعلم وأفكار سكينر وأطروحاته وتجارب ثورنديك وسلوكياته، ونطبق التعلم بالكلمة الطيبة والأسلوب الحسن، أتذكرون أيها الأعزاء ذاك الغلام الذي أخذت تطيش يده في الصحفة وكيف علمه الرسول صلى الله عليه وسلم كيف يأكل، وهل تأملتم دروسا من مدرسة عمر التي يقول فيها «تعلموا العلم وعلِّموه للناس، وتعلَّموا له الوقار والسكينة، وتواضعوا لمن تعلمتم منه، ولمن علمتموه، ولا تكونوا جبابرة العلماء، فلا يقوم جهلكم بعلمكم فالكلمة الطيبة سحر للنفوس وصيد للأرواح فهكذا خلق المسلم طيبٌ إذا نطق وطيبٌ إذا سكت غير أن الكثير من المربين يقعون في أخطاء لا تغتفر حينما يرددون عبارات وألفاظاً فظة لا تليق بهم متناسين أن بالكلمة الطيبة يتألق الفكر وينمو العقل وإن كان ولابد من التنبيه فأقله بحسن الإشارة، وجميل التلطف، وأكاد أجزم أن هناك الكثير ممن تركوا صروح العلم والمعرفة بسبب هؤلاء، فلا شيء يؤسف عليه إذا انتحرت المعاني الجميلة، ولاثمّة سعادة إذا وأِدتم الكلمة الطيبة.
فاجعل من التعامل معك أمر سهلا على الآخرين فالتعلم والتعامل بهذه الطريقة يجعل من أفراد المنظومة كأسرة واحدة هدفها الأول النجاح والسعادة للجميع تماما كما يقال باللغة الانجليزية (all for one and one for all) ونتاج هذا سيؤدي لخلق مجتمع ناجح ومترابط..فكونوا كذلك..
هناء أحمد العضيدان
Algat99@hotmail.com