سنة بعد سنة تستمر مسيرة مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة الذي ينظمه الحرس الوطني سنوياً ليشكل نقطة التقاء بين ماضي الأمة وحاضرها ويكرس تلك العلاقة بين التراث والمعاصرة حتى أصبح علامة مميزة في المشهد الثقافي العربي ومناسبة احتفالية بالغة الأهمية على مختلف الصعد الثقافية والتراثية والفكرية، إن مشاركة حوالي ثلاثمائة من المفكرين والأدباء من جميع دول العالم في دورة المهرجان لهذا العام بالإضافة إلى سلسلة المناشط المبرمجة ذات الدلالات الثقافية والحضارية يعطي إشارة واضحة على المكانة الرفيعة التي حازها على مختلف المستويات وخاصة مع تعدد وتنوع المشاركين في المهرجان مما يضيف إليه ثراء كبيراً وتنوعاً في الأطروحات والأفكار والإبداعات ويشكل إضافة حقيقية في إطار سعي المهرجان للتأكيد على الهوية العربية الأصيلة وإظهار التقاليد والعادات الوطنية في سياق المحافظة على التراث الشعبي. وبنفس الوقت فإن حرص المهرجان على استضافة إحدى الدول الصديقة لإظهار جوانب من حضارتها وتراثها الثقافي يعد فرصة حقيقية لتمازج الثقافات والاطلاع على مجالات أرحب من التواصل الإنساني الذي أصبح حاجة ملحة في هذا العالم وما يشهده من صراعات وحروب، ومن هذا المنطلق جاءت المشاركة الكورية في مهرجان هذا العام لترسخ العلاقات المتميزة بين البلدين في مختلف المجالات وتؤكد على الصداقة بين الشعبين وتعطي فرصة للاطلاع على الثقافة الكورية بأوجهها المختلفة.
إن النجاح المتواصل لمهرجان الجنادرية على مدار سبع وعشرين سنة ما كان ليحصل لولا الرعاية الخاصة التي يحيطه بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله الذي كان له الدور البارز والجوهري في تأسيس المهرجان واستمراره ودعم نجاحه، فهو الأب الباني والقلب الحاني لنهضة الأمة ومشاريعها الحضارية وكان لرؤيته حفظه الله المتمثلة في اعتبار الجنادرية واجهة حضارية للمملكة دوراً بارزاً في حشد الطاقات من فعاليات المجتمع المختلفة ثقافياً وفنياً واجتماعياً لإنجاحه وإظهاره بالصورة التي تليق مع اسم وسمعة ومكانة المملكة العربية السعودية عربياً وإسلامياً ودولياً.
كما ساهمت الجهود الخاصة لصاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني ورئيس اللجنة العليا للمهرجان في إنجاحه من خلال الحرص على توفير كل الإمكانات المادية والبشرية لخدمة المهرجان والوصول به إلى مراتب التميز وليس من قبيل المبالغة أن نقول إنه يندر أن يكتب النجاح المتواصل لهكذا مهرجان وبهذا الحجم والتنوع، لكن مهرجان الجنادرية تخطى كل الصعاب والعوائق بفضل تلك الرعاية والجهود من قبل رجال الحرس الوطني المعنيين وما بذلوه من جهود لخدمة الضيوف والمهرجان وعلى رأسهم معالي الشيخ نائب رئيس الحرس الوطني الأستاذ عبد المحسن بن عبد العزيز التويجري وفقه الله.
إن مسيرة الوطن تزهو يوماً بعد يوم بإنجازات أبنائه وفي ظل قيادته الرشيدة التي لا تدخر جهداً ليكون الوطن شامخاً على الدوام فرعاية خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين لمهرجان الجنادرية جعلته مهرجان الوطن فهو من غرس هذه النبتة الوطنية الطيبة ورعاها حتى أصبحت علامة سعودية فارقة في تاريخ الوطن وتاريخ الحركة الفكرية والثقافية والتراثية العربية.
katebalshammry@hotmail.com