وضحت الصورة وأنجلى الموقف الذي يجعل الولايات المتحدة مترددة في دعم الثورة في سورية، وعدم الذهاب بعيداً في المساعدة على إنهاء نظام بشار الأسد. فواشنطن التي توائم سياستها وتحركاتها في الشرق الأوسط بما يتواءم مع السياسة الإسرائيلية في المنطقة، تفاهمت مع تل أبيب على عدم الذهاب بعيداً في مساندة الثورة في سورية، بحجة أن الإسرائيليين متخوفون من أن يصل إلى السلطة في سورية متشددون دينيون سيشكلون تهديداً أمنياً على إسرائيل. إذ يعتقد الإسرائيليون، ويشاركهم في ذلك المتعاطفون معهم من الليكوديين الأمريكيين سواء في البيت الأبيض أو وزارة الخارجية الأمريكية والمخابرات المركزية، والذين يروجون من أن تنظيم القاعدة أصبح له وجود على الأرض السورية، أن المتشددين سواء من الإخوان المسلمين أو السلفيين هم الذين يقودون الثوار السوريين. ومع أن هذه المعلومات مغلوطة وغير مؤكدة، إلا أن الأمريكيين يجارون الإسرائيليين في تخوفهم من استيلاء المتشددين على السلطة في سورية، وأنهم لن يكونوا متساهلين مع تل أبيب، ولن يبقوا جبهة الجولان صامتة مثلما فعل نظام بشار الأسد ووالده حافظ الأسد، وأنَّ هؤلاء المتشددين الذين سيرثون ثلثمائة صاروخ أس أس 300 مزودة برؤوس محملة بأسلحة بيلوجية وكيميائية، سيشكلون خطراً بالغاً على إسرائيل. ولهذا، ومن أجل حماية إسرائيل وإبعاد أي خطر عنها حتى وإن كان نظرياً، فإنَّ الأمريكيين غير مستعدين لدعم ثوار سوريا، وينسقون مع الإسرائيليين لبقاء نظام بشار الأسد، متفقين في المبدأ مع الإيرانيين والروس والصينيين، لتشهد المواقف الدولية حالة شاذة وغريبة تتمثل في اتفاق طهران وتل أبيب على ضرورة بقاء نظام بشار الأسد، وأن يتم ذلك بمساندة وتأييد واشنطن وموسكو وبكين.