بلا مبالغة عدد (الاتصالات والرسائل) التي وصلتني من أصدقاء وزملاء إعلاميين وحقوقيين من خارج السعودية فاق عدد (رسائل الداخل) تعليقاً وابتهاجاً بتأييد (ديوان المظالم) للحكم بسجن مُتهم (صاحب محل فيديو) بانتهاك (حقوق الفكرية الملكية) لمدة عشرة أيام.
هذه الخطوة تُعد تاريخية، وسابقة ستبدد (نظرة) المستثمرين للسعودية وشكوكهم فيها كدولة (تحترم قوانين وأنظمة الملكية الفكرية العالمية)، مما يقطع الطريق أمام كل المشككين في قدرتنا وجديتنا في محاربة القرصنة الفكرية في المملكة، وهو ما يُساعد بكل تأكيد في تنامي وازدهار الاستثمار في هذا القطاع بكل أمان.
الاتحاد العربي لمكافحة القرصنة (Arabian Anti Piracy Alliance) أكثر المرحبين بالخطوة (الرائعة والجادة) من وزارة الثقافة والإعلام السعودية والتي ظل طوال السنوات الماضية يعمل معها في هذا المجال، رغم أن دراساته وبحوثه تُصنّف المملكة كأكثر دول الخليج تسجيلاً لمعدلات القرصنة بنسبة (60%) وهذا أمر طبيعي نتيجة حجم السوق السعودي الكبيرة جداً مقارنة بالأسواق المجاورة.
آخر استطلاع أجراه الاتحاد حول ممارسة القرصنة أو ما يُعرف عالمياً بـ (Fear Factor Survey) في السعودية أظهر أن نحو (89%) من مالكي الشركات العاملة في مجال النسخ والقرصنة لن يتعرضوا للمساءلة أو السجن والعقوبة، والسؤال المطروح: هل لدينا بالفعل شركات متخصصة ومرخص لها بالسرقة والقرصنة..؟!.
أعتقد أن الأمر لا يعدو للأسف محلات تجارية بأسماء سعوديين ويديرها أجانب أو (عماله سائبة) تقوم بالنسخ في شقق وأماكن سكنها وتروّج هذه المنتجات بأسعار زهيدة..!.
إذا ما استثنينا بالطبع محلات بيع منتجات التقليد للـ (Brand name) كالشنط والعطورات والكماليات الأخرى ذات (الماركات العالمية) والتي تستورد نسخ هذه (المنتجات) من المصنِّعين في دول (الشرق) وتقوم ببيعها في أسواقنا (بأسعار أقل) وهي المحطة اللاحقة التي تنظر إليها بالتأكيد منظمات (حقوق الملكية).
إن من يشوِّه (صورتنا) أمام العالم هم بعض العمال الجشعين والمخالفين وضعاف النفوس الذين يُسهِّلون لهم الطرق لتحقيق الكسب السريع على حساب مكانة وقدرة المملكة على حماية أسواقها من هذا النوع من الاختراق..!.
وبرأيي أن الحملات المشكورة التي تقوم بها اللجان العاملة والمُشكَّلة من وزارة الثقافة والإعلام والجهات ذات الاختصاص للقضاء على هذه الظاهرة وضبطها يجب أن تُدعم بشكل أكبر, وتُحظى بتغطية إعلامية أكثر وبلغات (عالمية) تعكس الجدية وحجم الجهد المبذول، كما يجب أن يكون التنسيق مع المنافذ والمطارات (فعّالاً) لضبط ومنع دخول مثل هذه المنتجات، وأرى قيام الجهات المعنية في وزارة الثقافة والإعلام بخطوة لطيفة وبسيطة لها انعكاس كبير على (صورة المملكة دولياً) في هذا المجال، وذلك بفكرة إيجاد آلية لمخاطبة وإخطار الشركات العالمية مباشرة والتي تتبع لها هذه المنتجات المضبوطة (بالكمية المصادرة) ومصدر قدومها للمملكة عن طريق الفاكس أو الإيميل، وهذا برأيي سيرفع من ثقة هذه الشركات في السوق السعودي أكثر وسيقطع الطريق على المشككين والمتاجرين بسمعتنا دولياً من منظمات وغيرها..!.
أزعم أن خطوات بسيطة وغير مكلفة كهذه ستغير حتماً الصورة جنباً إلى جنب مع باكورة (الأحكام القضائية) الجديدة لحماية الملكية الفكرية في بلادنا.
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.net