عبدالله حمد الحقيل
إن الثقافة محور أساسي في إستراتيجية التنمية الشاملة وتمثل المؤسسات الثقافية واجهة لتوجيه حراك المجتمعات بمقدار استشعار هذه المؤسسات لدورها التنويري وفاعليتها في تحويل هذا الشعور إلى برامج عمل ومواجهة تحديات عصر الانفجار المعلوماتي.
وإن الأمة الإسلامية ذات حضارة متميزة قائمة على أسس ثابتة ومناهج واضحة من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وما خلفه السلف الصالح من آداب وأخلاق وتراث، وينبغي الحفاظ على تلك القواعد والمناهج والمقومات والأصول ورعاية الأخلاق وتأصيلها في النفوس وإصلاح الأسرة والمجتمع وإشاعة الثقة والمحبة والتعاون والفضيلة - وكل تلك القيم والمثل ينبغي أن تكون مجالاً لدارس تاريخ الأمة وآدابها الذي يغذي الأرواح ويبني الإنسان بناء روحياً معنوياً يحيي في نفسه عزة الإيمان والقوة والإباء ويشيع العواطف والوجدان ومما يترك أحسن الآثار ويؤتي أينع الثمار، والأدب يصفي الأرواح ويصقل النفوس وينمي العقول بالعلم والمعرفة والثقافة ويهذب النفوس وينهض بها إلى مدارج الكمال والتمسك بالقيم الخلقية الرفيعة وتجيء أهمية الأدب ورسالته من خلال طرحه للقضايا الفكرية الجوهرية والآفاق الأدبية الأصيلة ورؤية الواقع وتجسيده وتنظيم مفرداته بتصور واقعي يتلاءم مع قواعد الدين الحنيف في بناء الإنسان وعزته وأن المثقف هو من أرقته المعرفة فاستيقظ وجدانه لقضايا أمته.
إن الأمة العربية الإسلامية بتاريخها الأدبي الثري منذ العصر الجاهلي إلى العصر الحديث تفيض وتزخر بتراث عظيم هائل حافل بالمجد والسمو والمواقف والعمق والأصالة وينبغي توظيفه لخدمة الأدب وإعادة الوجه الكريم لتراثنا الفكري بعد أن كاد يغيب عنا ويفقد هويته الإسلامية العربية ويصبح غريب الفكر والرأي والخلق، إذ إن تراثنا جزء من (شخصيتنا) وكياننا، وقضية الاهتمام بذلك والعمل على إحيائه قضية تتسع أبعادها كما تقول الدكتورة/ بنت الشاطئ «فهي تستوعب الماضي والحاضر والمستقبل فتتجاوز حدود وطننا العربي إلى العالم الإسلامي الكبير ثم إنها في جوهرها قضية وجود ومصير بما تكشف عن حقيقة ذاتنا وآماد طاقتنا وما تضيء لنا من معالم الطريق وآفاق الطموح» وإرادة الوعي وقدرات المبدعين.
وجملة القول فإنه ما من سبيل لمقياس آثار الأمة الفكرية والأدبية في شتّى الميادين ويقوي من عزيمة الأمة ويشد من أزرها وأن الثقافة بكافة صورها لها دور مهم في تنمية المعرفة، وهذا الدور ينبغي أن يضطلع به المثقفون بحيث تكون الثقافة رافداً تنموياً لجميع المجالات الفكرية والعلمية بحيث تمثل قنوات الثقافة المختلفة.