التسول يناله ما نال غيره من التطوير والابتكار، وبما يلائم ويتماشى مع المستجدات والمتغيرات في البيئة الحياتية المحيطة، ويتماهى مع الجمود النسبي الذي يعتري أجهزة مكافحة التسول فيما يتعلق بمواكبة الجديد لدى المتسولين المحترفين ممن جعلوا التسول حرفة تمارس عندهم على نطاق منظم له إدارته المشرفة على تطوير أنشطته وتوزيع المهام على الفرق المنتمية لكل فئة وشريحة من المتسولين، وهؤلاء لهم أدواتهم في تنسيق العمل اليومي بأدواره المتعددة ومراكزه التسلسلية الهرمية، من الصور الجديدة التي تكررت مشاهدتها مني ومن غيري ومواجهتها فعلياً وتواتر الحديث عنها بالمجالس، مما يعني أنها ليست حالات فردية؛ أن أفرادًا وجماعات تتجول بحذر واحترافية وبأدوار تمثيلية تدّعي أنها قادمة من بلد خليجي بقصد العمرة وأنها تعرضت للسرقة في عرض الطريق أو بقرب محطات الوقود وأحياناً في الحرم، ومما تواتر وبدون مبالغة ويلفت الانتباه أن أكثرهم يدّعي أنه كان قادماًً من دولة الإمارات العربية ولم أجد من خلال مشاهداتي أو من أحاديث من نقلوا المزيد من الوقائع أيّ مبرر لهذا الادعاء وتحديد هذه الوجهة، ومما لاحظته وقاله غيري أنهم غالباً وربما بصورة قطعية ليسوا من الأشقاء في الإمارات فإما أنهم من جاليات تعيش هناك وتتقن اللهجة الإماراتية بدرجات متقدمة كما يبدو من حديثهم الذي تشوبه لكنة غريبة ويمكن تكهن أصول صاحبها، وإما أنهم ممثلون أجادوا الأدوار بدرجة عالية من خلال الممارسة وكثرة التطبيقات في مواقف مختلفة في إطار بدع التسول، وهم في كل الأحوال إنما يسيئون لكلا البلدين (المملكة والإمارات)، فالإخوة في الإمارات لم نعهد منهم مثل هذه التصرفات وإن حدث وتعرض أحدهم لمثل هذه المواقف فنعرف وضوحهم معنا وإدلائهم وميانتهم علينا كإخوة ونعرف تصريحهم وتلميحهم وأدبهم الجم في مثل هذه الأمور، ومن الجانب الآخر ظلموا المملكة وأهلها بنشر دعاوى قطع الطرق وسلب الحجاج والمعتمرين وهذه فرية تدحضها الوقائع والسجلات الأمنية والعرف الاجتماعي وما يشهد به حجاج بيت الله الحرام والزوار من كل أنحاء الأرض فلم يتحدث أحد لا من قبل ولا من بعد لاسيما بعد توحيد المملكة عن هذه الحوادث، بل إن ما يسجل داخل المشاعر خلال مواسم الحج يكون على يد عصابات قدمت لهذا الغرض وبدعوى الحج أو العمرة، تساؤل آخر لماذا الإمارات بالذات دون غيرها، لابد أن لهم حساباتهم في هذا الشأن، لدرجة إني واجهت حالات لمتسولين لا يخفون أصولهم لكن يؤكدون أنهم قدموا من الإمارات بالتحديد وهؤلاء شاهدتهم كثيراً بالقرب من محطات الوقود فما سر الإمارات عندهم؟.. ومن حيلهم المثيرة الكثيرة أن أحدهم يعرض عليك ساعة ثمينة بفاتورة مزورة لأن الساعة أصلاً مزورة غير أصلية ويدّعي انه لا يريد أن يزعجك بالسؤال وإحراجك فيغريك بشرائها بنصف القيمة وأن السبب هو أنه اكتشف أن زوجته مصابة بمرض عضال ونحو ذلك، وهو بالطبع والتعود قد أعدّ لكل سؤال جوابًا، في فصل تمثيلي يجعلك تميل إلى إعانته مع الحصول على الساعة، هذه صورة من جملة من الحيل المبتكرة التي يجب الحذر منها ومن أصحابها المدّعين ممن يشوهون صورتنا ويسرقوننا.