ما أجمل ثمار شجرة وُضعت بذرتها الأولى ابتغاء مرضاة الله - جل وعلا - وما أسرع نمو تلك الشجرة التي أخلص صاحبها في رعايتها أملاً بأن يمتد ظلها مسافات بعيدة؛ ليحمي أبناء الإسلام من لفح الهجير.
وما أفضل أن نجتمع تحت ظلال هذه الشجرة الوارفة لنتلو كتاب الله، ونتنافس في حفظه وتلاوته، يحنو كبيرنا على صغيرنا، ويرشد خبيرنا ناشئتنا.
تحضرني كل هذه المعاني ونحن نعايش فعاليات المسابقة المحلية على جائزة الأمير سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم للبنين والبنات، وتعود بي الذاكرة إلى العام الأول الذي انطلقت فيه هذه المسابقة المباركة، وتتتابع المشاهد عاماً بعد عام لتصل في الدورة الحالية إلى العام الرابع عشر من عمرها؛ لندرك جميعاً أن سنوات مضت نمت خلالها تلك البذرة التي وضعها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصارت شجرة وارفة الظلال، يجتمع حولها أهل الله وخاصته من حفظة القرآن الكريم؛ ليتنافسوا في أشرف الميادين.
أذكر في العامين الأول والثاني أن بعض المتسابقين في فروع المسابقة لم تكن أعمارهم تتجاوز الثامنة أو التاسعة، ورأيناهم بعد أعوام شباباً بلغوا مبلغ الرجولة الكاملة، يتنافسون في حفظ كتاب الله كاملاً بعد أن كانوا يتنافسون على حفظ أجزاء قليلة منه. عندما رأيت هؤلاء أدركت أن الشجرة قد أثمرت أطيب الثمار، وأن الهدف الإيماني الذي أراده صاحب الجائزة أصبح واقعاً نراه، ونسمعه، ونحن نرى هذا العدد الكبير من حفظة كتاب الله من البنين والبنات قد أتوا من جميع أرجاء بلادنا؛ ليتنافسوا في أشرف ما يمكن أن يتنافس فيه الناس.
وعندما تصورت كم من حفظة كتاب الله لم يتح لهم بعد أن يشاركوا في المسابقة، مع اجتهادهم في الحفظ والتلاوة، لوجود من هم أمهر منهم حفظاً، أدركت أن الخير كبير، وأن ظل هذه المسابقات امتد إلى أبعد مما نرى، وأن نور القرآن قد أضاء قلوباً كثيرة في أماكن لا تصلها أنظارنا، وما هؤلاء المتسابقون إلا بعضها، وثمرات قليلة من ثمار كثيرة، سوف تتضاعف - بمشيئة الله - عاماً بعد عام؛ لتمنح بلادنا المباركة الخير كل الخير، وليزداد هذا الظل الوارف؛ ليحمي شبابنا من حر هذا العصر ولهيبه.
ندعو الله أن يبارك لنا في هذه المسابقة، ويضاعف خيرها، وخيرية بلادنا، وأن يجزل لراعيها الثواب، على ما أراد وقصد، وهو يغرس بذرتها الأولى.. إنه نِعْم المولى ونِعْم النصير.
alomari1420@yahoo.com