أشارت بعض الصحف المحلية والمواقع الإلكترونية قبل أيام إلى صيغة العقد الجديد للعاملة الفلبينية، التي سوف تخدم لدى الأسرة السعودية، وبموجب هذا العقد - إن صح الخبر - فإن هذه العاملة سوف تحصل على راتب قدره (1500 ريال)، يُودع في حساب بنكي خاص بها شهرياً.
ولها الحق أن تتمتع بإجازة يوم واحد أسبوعياً، وإجازة كل سنتين مدتها 30 يوماً، مع توفير تذكرة سفر على الدرجة السياحية من قبل الكفيل، كما يحق لها أن تحتفظ بجواز سفرها وبطاقة إقامتها، وأن تمتلك هاتفا محمولا خاصا بها كي تتواصل مع عائلتها في أي وقت ٍ تشاء، أيضاً يتحمل الكفيل تكاليف علاجها، ويكون مسؤولاً عن ترحيل جثتها ومتعلقاتها إلى بلدها في حال وفاتها، وفي حال وقوع خلاف بينها وبين كفيلها فيتم إحالته إلى الجهات السعودية المختصة للتحقيق والتقاضي. أما في حال الهروب أو رفض العاملة العمل، فإن مكتب استقدام العمالة الفلبينية المنزلية يتحمل تكاليف تأمين عاملة بديلة، أو إعادة تكاليف الاستقدام، إضافة إلى بنود أخرى في صيغة العقد مثل وجوب المعاملة الحسنة من قبل أفراد الأسرة، وأن تعمل فقط عند أسرة كفيلها، الذي يتحمل أيضاً الرسوم الخاصة بإصدار إقامتها أو تأشيرة الخروج والعودة أو النهائي وغير ذلك.
قصدت هنا أن أستعرض أبرز حقوق العاملة الفلبينية، كي يتضح أنها أخذت حقها كاملاً وربما أكثر مما تتوقع، في مقابل عدم وضوح (حق المواطن) الكفيل، خاصةً في مسألتين مهمتين (الراتب الشهري واحتفاظها بجواز سفرها وبطاقة إقامتها)، فبمبلغ راتبها (1500 ريال =400 دولار أمريكي) يعتبر عالياً مقارنةً ببقية رواتب العمالة من دول أخرى تماثل في وضعها الاقتصادي دولة الفلبين. وعلى هذا لا تدري كيف قبل الطرف السعودي رفع راتب العاملة من (200 أو 250 دولار) إلى هذا المبلغ، الذي ُيقارب راتب معلمة أو إدارية سعودية في مدرسة أهلية، فما عرفته من الأخبار والتغطيات الصحافية لهذا الموضوع أن الفارق بين راتبها السابق والحالي وهو قرابة (150 دولار)، تحصل عليه العاملة الفلبينية تلقائياً نظير معيشتها وسكنها مع الأسرة السعودية، خلافاً لعملها في دول أخرى، حيث تقيم خارج المنزل وهي مسؤولة عن معيشتها. أما مسألة احتفاظها بجواز سفرها وبطاقة إقامتها، فهذه تشكل ضغطاً نفسياً للكفيل وتهديداً ضمنياً لعائلته، فإن كان احتفاظها ببطاقة الإقامة مبرراً للتعريف الشخصي وإثبات نظامية إقامتها، فلماذا تحتفظ بجوازها؟ هل الخوف أن يرفض الكفيل سفرها عند انتهاء خدمتها، أو يبتزها لتتحمل نفقات السفر أو التنازل عن بعض حقوقها المالية؟ وحتى لو كان هذا الخوف هو المبرر!! فهناك حلول أخرى أبسطها أن يكون الجواز بحوزة سفارة بلادها أو المكتب الذي استقدمها. لأن ترك الجواز معها يعني أن كل أجواء الهرب أو رفض العمل مهيأة لها في أي وقت تشاء، في المقابل سيضيع حق المواطن وفق تقديرها هي في حال لم ترغب بالعمل. ويكفي أن هروب العاملات أصبحت ظاهرة وهن لا يحتفظن بجوازاتهن، كما أن العقد لم يوضح تفاصيل حقوق المواطن في حال رفضت العمل أو هربت، فالمذكور أن مكتب الاستقدام يتحمل تكاليف توفير بديلة.. دون أن نعرف الآلية وكذلك معرفة من يتحمل مبلغ التأشيرة.
بتقديري أن الجانب الفلبيني نجح في إقرار صيغة العقد - إن تم الاتفاق عليها - لأنه مارس إستراتيجية ذكية خلال ماراثون التفاوض، عندما رفع سقف مطالباته غير المعقولة، بحيث يُعد تراجعه عنها تنازلاً منه في المقابل احتسابها مكسباً للجانب السعودي، تلك المطالبات غير المعقولة التي رفضها السعوديون تمثلت في: (قيام الكفيل بالحضور شخصياً لمقر السفارة الفلبينية، مع إحضار شهادات مهمة من الشرطة بعدم وجود أية ملاحظات أمنية عليه، وتعريف بالراتب وكشف حساب، ووصف واضح لموقع المنزل مع أسماء أفراد عائلة الكفيل ومعلومات عنهم، مع دفع رسوم إجراءات السفارة، وعدم تجديد عقد العاملة بعد انتهائه أو نقل كفالتها إلا بموافقة السفارة).
kanaan999@hotmail.comتويتر @moh_alkanaan