لم أعجب من إقدام إحدى المعلمات على خنق مديرتها وشد شعرها مصداقًا لمقولة (بيدي لا بيد عمرو) وعمرو هذا هو وزارة التربية والتعليم وبعض إداراتها المنزوعة البركة إلا من رحم ربي. ولم تكن المعلمة لتستخدم يدها لولا أنها أيقنت أن وزارتها فقدت يدها منذ زمن بعيد فلجأت لأخذ حقها بنفسها، لتشفي صدرها وصدور كثير من المعلمات! وقد اضطرت لاستخدام يدها وإن لزم الأمر تستعين برجلها.
العجيب أن الحادثة حصلت بعد الشراكة المشهورة بين مركز الحوار الوطني ووزارة التربية والتعليم في إقرار الحوار كوسيلة للتفاهم، برغم يقيني أنه لن يصلح ما أفسده نظام التعليم!
وأزعم أن لا أحدا يقرّ ما قامت به المعلمة؛ إلا أنني أؤمن بالبواعث التي دفعتها للقيام بهذا الفعل ! فأنظمة الوزارة العقيمة وظلمها لمعلماتها بالمستوى والدرجات، واستبداد بعض المديرات من دواعي الإحباط التي تقود للعنف، وأحيانا الكبت أو المرض النفسي العميق الذي يتبعه الصمت الدائم ومحادثة النفس، وفقد الشهية ومن ثم قد ينتهي بالتقاعد المبكر الذي ترحب به الوزارة كترحيب البدو بالسيل ! فلا تكاد المعلمة تنهي إجراءات تقاعدها حتى تتفاجأ بتقليص سنوات الخدمة بإضافة عدة شهور كإجازات استثنائية وغياب بدون عذر ليمكن تقليل الراتب التقاعدي وقصقصة مكافأة نهاية الخدمة غير السعيدة.
ما لم أتفاجأ به في قضية الخنق (إياها) هو إجراءات إدارة تعليم المدينة المنورة واستجلابها مشرفات تربويات وطبيبة الوحدة الصحية لكتابة محضر بالواقعة وهو ما تجيده أغلب مديرات المدارس بكفاءة عالية ! حتى أنه لو يتسنى لك دخول مدرسة بنات ـ وهو مالا يمكن حصوله حتى بعد نهاية الدوام ـ فستجد ملفات مصفوفة في خزانات أنيقة خاصة بمحاضر المعلمات بدعوى (مستمسك عليهن) وتهديد لهن، حتى لتشعر بعض المديرات بالنشوة وهي تصفُّ المحاضر وتفهرسها، وغالبا يدور حديثها حول المحاضر وعددها، مع إلزام وكيلاتها والمشرفات بالتوقيع عليها برغم أنهن أحيانا (شاهد ما شفش حاجة)!
ما أحزنني هو رفع المديرة شكوى للشرطة بهدف عقاب المعلمة، وكان جديرا بها معرفة أسباب قيامها بذلك واحتواؤها وحل المشكلة بدلا من تصعيدها، فقد يكون تصرف المعلمة رد فعل على تحميلها نصاب أكثر أو تكليفها بمهام أكبر أو اتهامها بأمر هي منه بريئة أو إلزامها بندب تعسفي.
لك الله أيتها المعلمة المخلصة والمثابرة مذنبة كنتِ، أو بريئة، ولكنك عزيزة نفس تطالبين برفع ظلم أو مساواة مع زميلاتك، ومنهن المديرة التي تعتقد أنها تملك المدرسة بصك وليست موظفة يحكمها نظام إداري اختارها تكليفا وليس تشريفا.
وهذه الحادثة تتطلب من وزارة التربية والتعليم إعادة النظر في نظام تعيين مديري ومديرات المدارس وتقييده بسنوات محددة، ليدرك المدير أنه اليوم مدير وغدا معلم، لتدور عجلة العمل ويكون الولاء للوظيفة وليس للأشخاص!!
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny