هل مقصود أن يتم الاستفتاء على دستور بشار الأسد الذي فرض على الشعب السوري أن يكون في 26 من شهر شباط / فبراير أي قبل نهاية الشهر بثلاثة أيام حيث ينتظر السوريون استلام رواتبهم، فقد وظف نظام بشار الأسد (المصادفة) لإجبار الموظفين على التوجه إلى صناديق الاقتراع وفق كشوفات موضوعة في دوائر الدولة مثلها مثل (كشوفات مباشرة العمل والانصراف) المعتادة، فالموظف والمدرس وطالب الجامعة فرض عليهم الذهاب للقيام بالاستفتاء وإلا فلن يتسلموا راتب شهر شباط / فبراير.
أسلوب معتاد من نظام قام واستمر على القهر والفرض على فئات الشعب، وبما أن الموظفين والطلبة وعناصر الأمن هم أكبر شرائح الشعب السوري فإن نسبة الإقبال سترتفع عالياً وهو ما سعى إليه النظام للتأكيد على ترحيب الشعب بـ(إصلاحات) بشار الأسد.
ترقيع الدستور برفع بعض المواد التي أصبح وجودها فضيحة وعدم الحاجة لها كالمادة الثامنة التي تنصب حزب البعث قائداً وموجهاً للشعب، وهذه المادة لحاجة النظام لوجودها فالحزب تحول إلى عصابة لخدمة عائلة الأسد، ولم يعد للبعثيين الحقيقيين من تأثير وسواء بقيت المادة التي تنصب الحزب قائداً وموجهاً للشعب أو ألغيت فإن الحزب أصبح شكلياً ولا حاجة للنظام لوجود مثل هذا النص، فالذي يدير الحكم ويمسك بناصية الأوضاع في سورية ليس حزب البعث بغض النظر عن صلاحية هذا الحزب أو جدوى وشرعية تفرد حزب ما بقيادة وتوجيه الشعب، فالذي يدير الحكم ويستولي على السلطة في سورية ليس حزباً بل عائلة محدودة وطائفة متفردة تفرض حكم الأقلية على الأكثرية.
وهكذا فإن (ترقيع الدستور) الذي لا يغير من الواقع شيئاً، بدليل أن الاستفتاء يجري في الوقت الذي تقتل قوات نظام بشار الأسد يومياً مئات الضحايا من أبناء الشعب الذي يزعم النظام بأن (إصلاح الدستور) يأتي استجابة لطلباته مع أن الطلب الذي يرفعه المتظاهرون يومياً هو رحيل النظام ورحيل العائلة التي تحكم سورية منذ أكثر من أربعين عاماً.
السوريون الذين توجهوا إلى صناديق الاقتراع للاستفتاء على (دستور بشار الأسد) قهراً وإجباراً بالتهديد والترغيب يستغربون من إصرار نظام بشار الأسد وحلفائه على إجراء هذا الاستفتاء الصوري، ويروجون به، بل إن (شبيحة الإعلام) ينصبون له عرساً دعائياً وكان الأجدر بهم أن يوقفوا قتل الشعب وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والاستجابة لرغبة الشعب بالرحيل عن الحكم وليس إجراء مسرحيات ترقيع الدستور وغيرها من الأفعال التي لا تستجيب إلى رغبات الشعب السوري الذي تغرق مدنه بالدماء فيما ينشغل النظام بتنظيم الاستفتاءات.
jaser@al-jazirah.com.sa