أتابع مواقفك من خلال نافذة الصباح حتى أضحى لونُ الصبحِ داكناً من بؤسها، أخبرني بربك الذي خلق كل شيءٍ بقدر.. من أين تأتيك الثقة حتى ترقص على جراح المقصوفين؟ من أعطاك تذكرة التفرّج على الأحداث مصفقّاً متبلّداً؟! بل أخبرني بربك، أرجوك أخبرني..
من سرق منك عقلك النظيف - المهذّب الذي لا أصدّق عينيّ وهما ترصدناه أمامي ينهم بشراهة غذاءه من مراجع لم يكن يعتبرها فيما مضى شيئاً يوم أن كان هذا (ال ما مضى) عالماً نزيهاً، زكيّاً عاطراً فصار مع تتالي الزمن وقحاً ملوثاً..لا مكان فيه للمتطهّرين..الأوّابين..
أيها العالم المسعور..
أستفهم الواقع الراكض، علّ الواقع يجيب سهواً على هذياني..
هل الحرية، فكرة أم قضية؟
ألفكرة نتجت من القضية؟ أم أن القضية نتاج فكرة؟
قد تبدو هذه الحرية في بلاد النازفين وبأعينِ المنصفين وكأنها «صوت» رخيم ينادي من أقصى الروح بالحياة العادلة التي تستمد حريتها من شرع الله ورسوله الكريم فتسمو بهما عن كل الحريات الوضعيّة إلا أنّ الحبال الصوتية لهذا العندليب سرعان ما تحترق بواسطة نيران الدكتاتوريين التي تندلع بوحشية وتهشم وتفتك كل ما يمتّ إلى هذا الصوتِ بصلة كأن المُلك أسير يديها إلى يوم يبعثون...لكن هيهات..ثم هيهات..
* * *
إن مفهوم الحرية في تحكيم أولئك الخنازير لا يخرج عمّا يقررونه، بالتالي فإن تعبير رعيتهم الأرانب (بنظرهم) عن حقهم بالحياة ومطالبتهم به يعتبر خروجاً من الحياة نفسها يستوجب القتل والقصف والحرق والتعذيب والاعتقال..!
هل هذا عقاب أم ثواب؟ في دستورهم؟
هل يرتجى منه فعلاً استتباب الأمن؟ أم انهياره؟
هه! حتى الذئاب لا تهاجم بعضها.. وزعيم في بلادِ العرب يفترس رعاياه فجوراً واغتراراً، ولكن حسبه يوم ويومان يمرح بهما (فالله يمهل ولا يُهمل سبحانه).
آه يا أطفال سورية؟
لقد ابتليتم بمن يتزوج قيادة الشعب على شرع الغاب فنتج لكم من الطغيان أبشعه ومن التدمير أشنعه..
اعذروني..
فلستُ أدري بماذا أغنيّ لكم وأيّ الأغنيات منيّ ستسمعون؟
* * *
مع بالغِ الأسى، وبأبصارٍ تجرحها صورٌ تبثّها شاشات التلفاز السقيمة أتمنى أن تكون مازحة فيما تنقل عنكم.. على الأقل لو مرّة!
* * *
سؤال: هم، لولا اضطرارهم.. لماذا يطالبون بالحرية؟
لا تبحثوا فيما كتبت عن جواب فما زلت أبحث في واقعنا الكسيف - الخائب المغفّل عن أجوبة، ولم أصل حتى الآن إلى ما يسكّن اهتياجي لا أدري أموصلاتي رديئة لهذه الدرجة أم أن السؤال مبهم إلى هذا الحد؟! إلا أني أوقنُ كما توقنُ قلوبٌ عرفت الله حقّ المعرفة أن الحقيقة كما الشمس، جليّة الطلعة، جريئة الوضوح، إن النصرَ والعزّة مُشرقانِ لا محالة، فاطمئنوا..
* * *
من الآن، وحتى ذلك الوقت سأظلّ أستحي من أطفالكِ يا سورية، فجثّة بشار وزبانيته لا تكفي لأن تكونَ ثمناً لأراوحكِ المُغادرة اللاتي طرّزت أزّقتك بالجمال وأشاعت في دهاليزك (الله أكبرُ..الله أكبر)..
* * *
مثلما يقضي الفجّار نحبهم، نهايةً حقيرة.. ستُنهى يا بشّار النجس نهايةً لا تشرّفك أيها الصغير!
* * *
حتى وسائدٌ كانت تنقلنا لعالمٍ مفتعل من البياض، تلطخت بالأحمرِ تضامناً معكِ يا سورية..لكن (معاكِ الله) حسبك هو ونعمَ الوكيل.