تشمئز نفسي عندما أرى أبناء جلدتي ووطني وديني ولغتي يتبادلون الشتائم ويتفنون في كيل التهم وكأنهم أعداء لا إخوة وأخوات!!
وأصاب بالغم والحزن عندما يدخل في هذا العراك الكلامي رجل دولة أوكل إليه خدمة المواطن والوطن، فيأتي بما لم يأت به من سبقه!
أحزن كثيراً لأنني ابن هذا الوطن.. لأنني ابن عبد الله بن عبد العزيز الذي يسمعنا دوماً أن المواطن له كل الحق وله على كل موظف في الدولة كبر أو صغر أن يخدمه ويسهل أمره ولا يؤذيه بالقول أو الفعل.
عبد الله بن عبد العزيز الذي عرف بأنه أقرب للمواطن من نفسه يتحسس ويتلمس حاجات المواطن وإن كان ثمة تقصير فهو نتيجة إهمال هؤلاء الموظفين.
أحزن كثيراً لأنني أعرف ماذا يريد نايف بن عبد العزيز من جميع رجال الدولة مدنيين وعسكريين وقد سمعته أكثر من مرة يتحدث بلغة صارمة أن على الجميع أن يكونوا عوناً وسنداً للمواطن, وأن تكون لغة الحب هي اللغة السائدة لا لغة الشتم والإيذاء للمشاعر والتنابز بالألقاب.
يوم يقول إنسان مهما كان موقعه لمواطن قد يكون اخطأ وقد يكون أصاب إنك (صفيق) أو يقول آخر عن مسؤول إنك (منافق) فإنني أتألم كثيراً وأكاد أبكي من هول هذا التراشق المقيت!!
نحن أمة محمد خير أمة أخرجت للناس، ونحن أبناء عبد الله بن عبد العزيز الذي حذّر من كل عصبية ومن كل تصنيف ومن كل همز أو لمز, ولكن للأسف لم يرعو بعضنا ولم يسمع!!
فئة تبدو ثقافتهم ثقافة الشتم واللمز، فهم لا يجيدون الكلام الطيب ولا يعرفون الأسلوب الحسسن, ويعتقدون أن أبسط وسيلة لإسكات الآخرين تجهيلهم مهما كانت درجاتهم العلمية ومراتبهم الوظيفية، ما علم هؤلاء أن الشتم لغة الضعفاء واللمز لغة الصفقاء, هؤلاء للأسف لم يقرؤوا تاريخ هذا الدولة المباركة وكيف كان يتعامل كبارها مع عوامها ، فضلاً عن كبارها علماً وقدراً.
يحدثني والدي -رحمه الله- عن الملك عبد العزيز غفر الله له وكيف كان يجلّ العلماء وكيف كان العلماء يجلّونه ويقدرونه حق قدره, فكم من مرة رأى أمراً وتردد فيه وكان الفيصل فيه للعلماء ولمفتي الديار السعودية.
نحن في دولة التوحيد والجميع يرددها ولكن للأسف البعض يجهل ماذا تعني هذه الكلمة، لن أكون مفتياً ولا فقيهاً لأقول ماذا تحمل هذا الكلمة من معانٍ ودلالات ولكني أكتفي بشيء واحد أنها -أي دولتنا - معنية بحماية هذه العقيدة قولاً وفعلاً.
ما قاله سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع أثناء زيارته قصر المصمك أكبر دليل على ما أقول فقد قال -حفظه الله-: (يجب على شبابنا أن يعرفوا كيف تكوّنت هذه الوحدة المبنية على العقيدة الإسلامية وحدة عربية إسلامية).
نعم إن بلادنا بنيت على العقيدة الإسلامية ومهما ابتغينا العزة من دونها أذلنا الله, فالحمد لله الذي هيأ لنا قيادة حكيمة مؤمنة بالله واثقة في نصره, {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}.
دولتنا دولة نصرة الدين.. دولة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فلماذا يتضايق بعضنا من هذه الشعيرة؟ هذه الشعيرة التي جاءت في كتاب الله كصفة ميزة هذه الأمة عنها غيرها {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}.
إن كره هذه الشعيرة ومعادات القائمين عليها يعد كرهاً مما جاء به القرآن وهذا أمر خطير قد يخرج من الملة, ولا أعتقد أن أحداً ممن تكلموا او نقدوا يستشعرون هذا الخطر والعياذ بالله.
إنني وأنا أقرأ لبعض الزملاء وأسمع لبعض المسؤولين والعلماء وطلاب العلم اسأل الله للجميع هداية تجمعهم على كلمة سواء توحد ولا تفرق، تقوي ولا تضعف، فنحن في وسط العاصفة أشد ما نكون حاجة إلى وحدة الكلمة والصف، فعلى الكبار أن يحتووا الصغار، وعلى الصغار أن يوقروا الكبار, هذا توجيه نبوي كريم حري بنا إتباعه.
والله المستعان..
almajd858@hotmail.comتويتر: @almajed118