لم أعجب من قيام رب أسرة بحبس زوجته الأربعينية وأبنائه السبعة في منزل متواضع يحوي غرفة واحدة ودورة مياه، بعد أن أغلقه بإحكام وفرض الإقامة عليهم، فيما يعيش هو مع زوجته الأخرى.
ولم أستغرب من دور شرطة ينبع بتحرير المرأة وأطفالها من الاحتجاز بعد أن تلقت الأجهزة الأمنية معلومات عن الواقعة حينما استنجدت تلك المرأة بقناة فضائية في رمضان الماضي وأشارت لرفض زوجها الإنفاق عليها وأولادها وتلقيها المساعدات من جيرانها بطريقة مهينة، وتعرضها للعنف البدني والنفسي على يده، بقيامه بتنكيلها وإجبارها على أعمال شاقة، مما جعلها تطلب تدخل الجهات المختصة لإنقاذها وأطفالها السبعة، وهو ما دعا الشرطة لمتابعة تفاصيل الواقعة والنجاح في تحديد موقعها، والقبض على الزوج المتهم والتحفظ عليه، وتحويل كافة الأوراق إلى هيئة التحقيق والادعاء العام.
أما ما أوجعني حقا فهو إقدام رجل على قتل زوجته الأربعينية بطعنتين في الظهر والبطن لأسباب غير معلومة، ولا أشك مطلقا أنكَ ستصعق حين تتخيل فجيعة أبنائها الأطفال وهم يرون والدتهم تسبح وسط نهر من الدماء في غرفة نومها. بينما تمت إحالة الزوج القاتل إلى مستشفى الصحة النفسية للتأكد من وضعه العقلي والصحي بعد اعترافه بالجريمة.
وإني لأرجو الله أن يرحم تلك الأم المغدورة، وأن يلطف بأبنائها الصغار الذين خسروا والديهم أسوأ خسارة، وأدعو الله أن يلهم أهلها الصبر. وليس بعد القتل تنظير ولا بحث عن دوافع وأسباب، سوى القسوة التي تنخر بالأسرة السعودية وتحيلها إلى كومة من الخوف والقلق في ظل العنف الصارخ الموجه للمرأة والأطفال.
وإني لأعجب من تجاهل ذوي الاختصاص وإغفالهم هذه القضية المؤلمة، وكأنها قد أصبحت من ضمن المسكوت عنه، بدعوى أننا بخير وأن تلك الأخبار هي من تلفيق المغرضين ممن يتربصون بالبلد ويطالبون بإخراج المرأة وإعلاء صوتها ونبذ الولاية وتأجيج الرأي العام!
والواقع المر أننا لسنا بخير طالما لدينا امرأة واحدة معنفة في مجتمع إسلامي تدعو مبادئه السامية للرحمة وتكريم المرأة!
ولئن كان الأمر قد تعدى العنف الجسدي والنفسي ووصل لمرحلة التصفيات الجسدية والقتل الصريح دون شفقة أو رحمة أو اعتبار إنساني أو حتى تفكير بالعواقب؛ فإنه يتطلب وقفة صادقة وإجراءات صارمة بعيدا عن تنظير هيئة حقوق الإنسان والجمعيات الكرتونية التي تقف جهودها عند الاستنكار والشجب، فالقضية أكبر من ذلك، لأن مقتل أحد الوالدين على يد الآخر يترتب عليه مشاكل معقدة يترسب أثرها في النفس، وقد يتحول لانتقام أو سلسلة من الثأر لا تكاد تنفك حلقاتها.
وإن لم تسعَ الجهات المتخصصة لوضع خطط العلاج الناجع؛ فإننا مقبلون على وضع قد نتسامح به مع العنف بأشكاله حين لا يصل إلى القتل! تحت مفهوم (إذا سِلم العود فالحال تعود)!
وأي عودة لحال حين يكون كسرا للضلع أو سحقا للنفس؟!
أيها العنف ما أقساك وما أوجعك!!
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny