سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة سلَّمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:فتعقيباً على ما نُشر في صحيفة الجزيرة في العدد 14370 في زاوية إلى الأمام للكاتب الدكتور جاسر الحربش حول التحولات المرحلية في الممارسات الدعوية والاحتسابية، فقد ورد فيه (بعد الانتقال من التقشف والزهد إلى المظهر الفائض بالترف والوجاهة الاستعراضية، وهذا شيء نشاهده يومياً في مئات الفضائيات. مجرد مقارنة بين المظهر المتواضع لشيوخنا الأفاضل القدماء ممن تخطوا السبعين مع جسامة وقيافة أدعياء الدعوة الفضائيين الجدد)، إن تجاهل معطيات الحياة الجديدة وما يصاحبها من تطور وتغيير في المظهر الذي لا يفضي إلى فحش وبذخ ليس عيباً يسرنا اكتشافه وليس من المعقولية في النقد سحب التعميم على من يخالفك ليشمل الجميع ونحن على الأقل لم نشاهد من يتعرَّى أو يتملّص من دينه أو من أخلاقه وطبيعة مجتمعه وأقررناه على ما فيه. إن تجذير كليات القضايا والمسائل إلى مفردات صغيرة منها للنفاذ إلى تطمين السامع والقارئ لقبوله التهجم بالتعميم لا يخدم بالقدر الذي يثير ويعجّل بصرف المتحاور عن الحوار. إن الدين قوي بذاته ضعيف بأهله وأتوخى أن لا يجرنا هذا إلى منزلق إعادة التفكير بكليات الدين وأصولياته. لعدم قبولك لمظهر طالب علم لم يوفّق في ظهوره على قناة فضائية ربما حسبتها على الجانب الدعوي.
ورد في المقال (المريح في الموضوع هو أن هذا الفكر سوف يستمر في الممانعة تتبعها الملاينة ثم المسايرة حتى لا يبقى لديه ما يمانع أو يلاين أو يساير فيه) لا أعتقد أن هذا من بوادر السعادة فإذا كنا سنسعد لتعميم الفكر الانفتاحي وفتح بابه على مصراعيه والدفع به بقوة إلى المجتمع شاء من شاء وأبى من أبى فهذه مصادمة ومصادرة أنت نهيت عنها في سابق قولك.
ورد في المقال (الانتقال من التوسع في العلم الشرعي إلى ادّعاء الإلمام بكل شؤون الدين والدنيا، وهذا ما تشهد به مؤلفاتهم وكتاباتهم ومحاضراتهم السطحية عن الحداثة والليبرالية والديمقراطية وعن السياحة والبعثات الخارجية..) إلخ. الفيصل في هذا لمن وفّق في طرحه عن شؤون الحياة هو أنه لا قبول لفصل الدين عن الحياة ومن هنا فلن يسرك يا دكتور الحديث عن هذه الأمور إن صحت أو لم تصح.
أخيراً إن كل ما تعترض عليه يا دكتور إن كان يستقى من علماء متعلمين أو يدّعون العلم فهذا شأن من يتلقى، أما مشايخنا وعلماؤنا المعتبرون وهم مرتبطون بجهاتهم العلمية المعروفة فهم من يحمل لواء الفتوى والنظر في حقوق الناس معاشهم ومعادهم على هدي من كتاب الله وسنّة نبيه الصحيحة المعتدلة بتوفيق الله وليس لأحد نقد التحول الحاصل في الدعوة وتصنيفه بالسالب لعدم موافقته لرأي يدّعي صاحبه سداده.. حفظ الله هذه البلاد ودينها ومليكها.
محمد بن سعود الزويد - جامعة الإمام بالرياض - وكالة الدراسات والتطوير