إن الاهتمام بالتعليم هو المؤشر الحقيقي الذي يُقاس به تقدم الأمم وتطورها؛ لذا فإننا نجد التعليم في الدول المتقدمة يحظى بقدر كبير من الاهتمام؛ فهو يأتي في المراتب الأولى مع قطاعَيْ الصحة والاقتصاد، ويشترك معهما بل يفوقهما أحياناً في الأهمية؛ فإذا ما أرادت الدول النامية الوصول لمصاف الدول المتقدمة فعليها الاهتمام بالعلم والتعليم، وبذل الغالي والنفيس في سبيل ذلك.
والمتابع للتعليم في بلادنا الغالية يجد أنه يحظى باهتمام كبير من جميع القيادات في هذا البلد، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله -؛ لذا فإن منظومة التعليم في المملكة العربية السعودية تُعَدّ أحد أفضل المنظومات التعليمة في المنطقة، إن لم تكن أفضلها على الإطلاق، إلا أنه يبدو أن هناك خللاً ما في تطبيق هذه المنظومة على أرض الواقع؛ ما ينعكس سلباً على مخرجات مؤسساتنا التعليمية. فبالنظر إلى برامج التعليم العام ومدى مواءمتها مع برامج التعليم العالي نجد أنها متوافقة ومكملة بعضها لبعض من الناحية النظرية.
أما من الناحية التطبيقية فإننا نجد أن بعض مخرجات التعليم العام في بعض البرامج غير متوافقة مع خططها؛ ما ينعكس سلباً على تحصيل الطالب وتقدمه في مرحلة التعليم العالي؛ وبالتالي يسبب إرباكاً لنظام التعليم العالي وما يقدمه من برامج في المجال نفسه.
وفي المقابل أيضاً نجد بعض مخرجات التعليم العالي في بعض البرامج لا تعكس فعلياً الخطط المرسومة للبرنامج نفسه؛ ما ينعكس سلباً على أداء الطالب المتخرج في سوق العمل؛ فالطالب المتخرج من مرحلة التعليم العام في مادة اللغة الإنجليزية على سبيل المثال يفترض به - حسب خطط التعليم العام لمادة اللغة الإنجليزية - أن يكون مُلمًّا بأساسيات اللغة، وعلى أقل تقدير يكون قادراً على القراءة والكتابة والاستماع بشكل يمكنه من مواصلة تعليمه الجامعي بدون أي ضغوط أو عوائق فيما يخص اللغة الإنجليزية، ولكن الملاحظ عكس ذلك؛ فأغلب الأساتذة والمدرسين في مرحلة التعليم ما فوق الثانوي يعانون كثيراً من مستوى الطلاب في مادة اللغة الإنجليزية، ويعزون الخلل إلى التعليم العام؛ حيث يقومون بترديد الكلمة المشهورة «أنت كيف تخرجت من الثانوي؟!!» استنكاراً لا استفهاماً؛ فالمستوى السيئ للطالب في مادة اللغة الإنجليزية لا يعكس الاحترافية والمنهجية في الخطط المرسومة للتعليم العام في المملكة، وإذا كانت الخطط سليمة والمناهج مناسبة فأين يكمن الخلل إذاً؟!
إن المواءمة بين التعليم العام والتعليم العالي أمر في غاية الأهمية، وتحقيق ذلك يتطلب جهداً وتكاتفاً من الجميع مسؤولين ومدرسين وآباء؛ فالمواءمة تعني الموافقة، أي أن ما يتعلمه الطالب في المراحل الجامعية هو امتدادٌ لما تعلمه في مراحل التعليم العام؛ وبالتالي فإن كل مرحلة تكون مكملة لما قبلها.
ولتحقيق ذلك يجب الحرص على تطبيق الجودة الشاملة في جميع مراحل ومجالات التعليم، والحرص على مرحلة التطبيق الفعلية، والسعي لأن تكون المخرجات متوافقة مع المراحل التي تليها ومكملة لها، سواء للمرحلة الجامعية أو سوق العمل.
الكلية التقنية بالرياض