مؤخراً، أتيح بيسر للباحثين في مختلف الشؤون والمسؤولين عن التربية والتنشئة والتعليم أدوات حديثة ونافذة للوصول إلى القرائن والأدلة، ومصداقية التكهنات من عدمها، مكَّنت كل فرد في أي مجتمع، ومن أولئك أفراد مجتمعنا، بتطورها ونفوذها من سبل التواصل، ومنحت مساحات للتعبير، وأساليب الخوض في كل أمر، بما في ذلك مكان لا يقال، وعما كان مخبوءاً، أو في نطاق ضيق, فكشف عنه دون مواربة, ولا إخفاء..
وبات من الأهمية بمكان دراسة الظواهر التي انتشرت، وطفت على السطح، وغدت مطرقة حادة تقرع كل يوم على مرأى ومسمع الجميع.. في كل ما من شأنه أن يظهر ما قوِّضَ، ويقوَّضُ في أبنية في الإنسان، وفي المجتمع، ربما كنا نظن هذه الأبنية قوية التأسيس، لكننا بهذه المتاحات أدركنا هشاشتها كثيرا.. بما لا يجعل للعين أن تنام، ويُفزع القلب، ويقلق الاطمئنان، ويربك التوقع..!
سواء فيما كشفته من اختلاط المفاهيم، والقيم، أو في مكانة المعتقد غير الصائب، أو في السلوك الدال عل كل ذلك.. بما تنشره من مواد تحتضنها هذه الوسائل، وتقدمها على مدار الساعة عينات ذات أهمية بالغة للدارسين مستجدات السلوك، وطوارئ المؤثرات..
وأول هذا، ظاهرة الضعف في الإيمان، وليس فقط في مظاهره.. أي في العقيدة، وليس فقط في العبادات..
فمن يتتبع ما يكتب في تلك المتاحات من المساحات يدرك تماماً أن من ظهر ليعتدي على خالقه، أو تعدى على رسوله, ومن جهل مقامه, وسيرته صلى الله عليه وسلم، أو من أنكر مكانة خلفائه، ومن خاض في صحابته, أو من تطاول على أمهات المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين، أو من صاح بكفره دون خشية، أو من وسم نفسه بـ»قسيس مكة» كرمها الله، أو من تنصَّر من قبل، أو من تشيَّع على عنت، أو من تطاول على عرى وثيقة يُفترض أن تكون معتقده، أو من تحلل من قيم أساس في خلقه الممثل لمضمره، أو من بدا متساهلاً في أمر هويته الدينية، أو من جهل الفروق بين الشعارات وتبنيها، أو من عمي عن ضلالات بعض المذاهب، وإسقاطاتها، أو الأفكار وغشها، أو كشف عن ضحالته، وفقره في التربية، والتأسيس على هدى، إنما هو واحد، بل هم ثلل ممن لم يتلقوا عند تنشئتهم دروساً صحيحة، ولم يربوا على قيم مكينة، ولم يدعوا لعقيدتهم على بينة وتمكين سليمين.. كل أولئك الذين ظهروا يؤكدون ضعف التربية، وفشل التعليم، وركاكة الأساس.. على أن هناك في الجانب الآخر من المرآة عينات أخرى يطمئن إليها القلب، ويسعد بها وبما تكتب أو تقول، غير أنه ليس هنا مدار الحديث عنها..
هذه حقيقة - مع الأسف الشديد - كشف عنها الستر ما أُتيح فيسر من وسائل، ومواقع, وفنون للتعبير, والظهور.. غدت جزءاً من حياة الفرد اليومية.. وسبيلاً لظاهر مسالكه وباطنه.
إذن فالإسلام عند مسلمينا الناشئين مجرد صفة..
وهو بين أهله هذا الدين على جرف هاوٍ بأجياله الحديثة هذه..
العينة للدرس، واليقظة، والحمية..
هذه هي الحقيقة المؤلمة..
ما لم تنهض له، ولهم، همم خاشية من الله كثيراً.. منزهة عن عرض الدنيا..
فيا أهلونا، تيسرت لكم أدوات البحث، وعيناته بأوسع وأكثر مما تحتاجون، بما يمكنكم من السرعة في اتخاذ المبادرة لمواقعكم مواطن امتحانكم، والقيام بأدواركم في شأن دينكم الذي هو عصمة أمركم، بما منحتم من العلم أولاً، والمسؤولية ثانياً، والأمانة ثالثاً، ومن قبل ومن بعد بما تحملونه في صدوركم، وتخشون أن تشهد به عليكم سطوركم في كتب إما باليمين استلامها، أو بالشمال..
فالأجيال بين أيديكم.. خذوا بهم إلى بر الأمان.. أعينوهم على الفهم السليم، والوعي العميق, والمعرفة الحقة، بما لا يشدهم عن حياض بهاء دينهم، نوره وتمامه.. وصلاحه للحياة وللأحياء.. ويسره، وسعته، ورحمته، عدالته، وحريته، وتقديره للإنسان.. وشموله لكل ما يتطلعون إليه من نهج يحقق لهم غاية الأمن والسعادة والنجاح.. أردموا الهوات في نفوسهم بيسر، وحكمة، وبقلوب ليست فظة لئلا ينفضوا أكثر وأكثر.. فهم أبناؤكم الذين بلا شك تخافون عليهم..
هؤلاء بين أيديكم بكل وضوح.. مادة بما يقولون، ويفعلون لتعلموا الخلل، وتبدؤوا في سده..
وأنتم على مقاعد وظائف هذه المسؤولية.. ليوفقكم الله ويأخذ بأيديكم للإصلاح كل في موقعه..
فقد خصصت الدولة موازنات كبيرة للتعليم، وللتربية، وللإعلام، وللحسبة، وللمناشط الاجتماعية والأدبية، والثقافية، وللتوعية الأسرية، وغيرها.. وغيرها..
إنها كلها من أجل سعادة الإنسان في المجتمع، ولا أسعد من السعادة بسلامة العقيدة فهي عروة النجاة، وملتقى الغاية من الحياة..
أنتم العلماء، والمعلمون، والآباء، والمربون، والأمهات, والأدباء، والمفكرون، وأخصائيو النفس والمجتمع ، وذوو الحسبة، والإعلاميون، وأصحاب الأموال بمشاريعهم الإعلامية ومناشطهم الثقافية، و.. تضافروا مع الباحثين، والدارسين، المخططين، والمدربين لمنهج إصلاحي شامل جديد في شأن الأجيال، وتمكينهم من النجاة..
أصلحنا الله جميعاً آمين.. ووفقكم آمين.