متى يكون بوسع المواطن الخريج الحصول على وظيفته فور حصوله على مؤهله أو حتى بعد سنة أو سنتين من تخرجه في حال إدراجه ضمن قائمة انتظار عادلة دون أن يضطر للبحث عن الشفاعات والواسطة, ودون أن يتعرض للمرمطة من وزارة إلى وزارة أخرى، ودون أن يضطر للوقوف أمام البوابات لساعات طويلة على أمل أن يحن المسؤل فيجيب على تساؤلاته. متى تتحول المعادلة من وضعها المعكوس إلى وضعها الطبيعي المتعارف عليه في كل دول العالم فتسعى الجهة الحكومية لربط احتياجاتها من الوظائف بافتتاح الكليات والمعاهد وأحداث الأقسام الجديدة وفق المتطلبات, وإغلاق الأقسام التي أغرقت بخريجيها السوق ثم مراجعة وظائفها سنويا وتحديد شواغرها لاستقبال خريجين جدد وهكذا؟
أقول هذا الكلام وأنا أتابع من شهور مشكلة خريجي الدبلومات الصحية والتي تحولت إلى قضية شائكة تداخلت فيها ثلاث وزارات هي وزارة الصحة ووزارة الخدمة المدنية ووزارة المالية، وتاه الخريجون بين الوزارات الثلاث رغم صدور أمر ملكي كريم بتاريخ 271432ه يقضي بتوظيف جميع الخريجين المجتازين لاختبار هيئة التخصصات الطبية السعودية في مدة لا تتجاوز ستة أشهر ورغم مضي حوالي تسعة أشهر على صدور الأمر إلا أن من تم توظيفهم أقل بكثير من الرقم الذي وصلت له أعداد الخريجين فلا يزال الآلاف بانتظار الفرصة، وآلاف آخرون يتظلمون من توجيههم للقطاع الخاص وعدم مساواتهم بزملائهم.
الغريب أن وزارة الصحة وهي الجهة التي حملها وزير الخدمة مسؤولية توظيف الخريجين تتذرع بعدم الحاجة رغم وجود أكثر من ثلاثة عشر ألف فني صحي أجنبي، وفي سياق مناقض يؤكد وكيل وزارة الصحة المساعد لإعداد وتطوير القوى العاملة أن الوزارة لا تتعاقد مع غير السعوديين إلا في نطاق محدود وفي تخصصات طبية نادرة, ووفقا لحديثه فإن الوزارة ترفع احتياجاتها من الوظائف إلى وزارة الخدمة المدنية وعندما يتعذر شغلها بسعوديين فإنها تعاد للوزارة للتعاقد عليها من خارج المملكة. هذا التصريح سيكون في محله ولا يحتمل الشك لو أن التخصصات التي تطلبها الوزارة من الخارج لا يمكن شغلها بسعوديين، ولكن ما رأي سعادة الوكيل المساعد في خطاب تم تسريبه ونشره في المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي صادر من وزارة الصحة «أحتفظ بنسخة منه» وتحديدا من الإدارة العامة للتعاقد - شعبة التعاقد موجه لشركة الدايل بالأردن يتضمن رغبة الوزارة في التعاقد مع 3598 أخصائي، وهذه التخصصات المطلوبة في العلاج الطبيعي ورعاية الأسنان والأشعة والتمريض والتخدير والبصريات وهي تخصصات متوافرة بكثرة وبالإمكان توظيف سعوديين عليها, ووفقا لتصريح سعادته فهل أعلنت الوزارة عن هذه الوظائف واستقبلت ملفات الخريجين أم أنه أمر قضي في ليل دامس لحرمان الخريجين؟ لماذا يستمر التعاقد والكوادر البشرية السعودية متوافرة وبكثرة وجاهزة للعمل وتنتظر إشارة الوزارة إذ ليس من المنطق أن يحكم على أبنائنا وبناتنا بالبطالة المؤبدة ويستمر في التعاقد من الخارج فهل المسألة عناد أم عدم قناعة بالخريجين أم أن هناك أمورا تخفى علينا؟
إذا كانت الوزارة ترى أن مستوى الخريجين أقل من المطلوب فالحل ميسور فما على الوزارة إلا توجيههم لدورات مكثفة داخل الوزارة ومستشفياتها لرفع مستواهم.
المهم تنفيذ الأمر الملكي الذي لا يزال الخريجون يتمسكون به وسيلوحون به في كل وقت لحين توظيفهم بإعفاء متعاقدين يقابله توظيف مواطنين.. فهل وصلت الرسالة للوزارة؟
shlash2010@hotmail.comتويتر abdulrahman_15