قديماً قيل (علم بلا عمل كشجر بلا ثمر) والناظر في واقع المجتمع اليوم، خاصة ما يتعلق بمشاريع الخدمات الضرورية للوطن والمواطن يجد كماً هائلاً من الدراسات والاجتماعات المتكررة التي تخرج بعدد من التوصيات التي لو أخذت فعلاً حيز التنفيذ لعادت بالخير العميم على البلاد، ولكن الواقع في بعض القطاعات الخاصة والعامة خلاف ذلك، فالدراسات على قدم وساق، والاجتماع يتلو الاجتماع، وهذا سبب رئيس في تأخرنا في كثير من المجالات، فلو أن كل ما يقال في الدراسات النظرية ينفذ في الحال لتغيرت الحال من حسن إلى أحسن، ولو أجريت مسحاً على توصيات المجالس في أي قطاع ثم قارنتها بما تم تنفيذه منها لوجدت نسبة ضئيلة قد لا تتجاوز 25 بالمائة، وما عدا ذلك من التوصيات الإيجابية حال بين تنفيذها روتين العمل وقلة الشعور بالمسؤولية، والمماطلة أحياناً وخلق المعاذير التي تثير العجب والاستغراب، ثم تأتي الدعوة لعقد اجتماع آخر وآخر حتى تصبح التوصيات أشبه ما تكون بحبر على ورق، والكل ينتظر التنفيذ وترجمة هذه التوصيات على أرض الواقع ولكن لا مجيب.
أما يجدر بنا أن نستفيد من ثقافة غيرنا والحكمة القائلة لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد؟، إلا نفكر في حاجة مجتمعنا إلى تلك التوصيات النافعة التي ذهبت في عالم النسيان؟، هل يعالج الخطأ بمثله؟ ألسنا مؤتمنون على ما نقول ونفعل؟ إلى متى والتوصيات تملأ الورق ولا يرى النور منها إلا القليل، لسنا نشكو من قلة التنظير وإنما نشكو من قلة التنفيذ والتطبيق، فليراجع كل مسؤول جدول أعماله فيما مضى من الجلسات في إدارته، سيرى الكم الهائل من البنود التي لا تزال موقوفة رغم الحاجة إليها في التطوير وحسن الأداء، لو كان حرصنا على التنفيذ معادلاً لحرصنا على التنظير ما اشتكينا من تقصير، ولكن آفة العمل تأجيله، إلا تعلم أن خير البر عاجله، في كثير من الإدارات يعقد الاجتماع الثاني وما بعده ولا تزال بنود الاجتماع الأول معلقة، لو خلصت النوايا والذمم هل نحن بحاجة إلى ديوان مراقبة وهيئة لكشف الفساد الإداري، أليست مراقبة الله عز وجل في السر والعلن جزء من عقيدتنا،؟ نحن بحاجة إلى مراجعة واقعنا المعاصر في حياتنا العلمية والعملية ومقارنة هذا الواقع بالمصلحة العامة، وما ينبغي أن تكون عليه متطلبات العمل للنهوض بالبلاد إلى أرقى المستويات، إن أي تقصير من مسؤول في نطاق عمله ينعكس سلباً على وطنه، ومن لم يكن أهلاً لتحمل المسؤولية في أي مجال من مجالات العمل ويرضى بالبقاء فهو غاش لنفسه ولوطنه ولولاة أمره، وقد قيل: إذا لم تستطع شيئاً فدعه وجاوزه إلى ما تستطيع.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه
(*) المعهد العالي للقضاء
dr-alhomoud@hotmail.com