من المحال أن تُصم الآذان عن نشيج الدماء، وزئير الأرواح، وفداحة الجبروت الحاصل في سوريا..
ما يزيد القهر اشتعالا أن العرب، في حق العرب، ينتظرون أقصى الشرق، وأقصى الغرب ليُبَت القرارُ في أمر نتائج ثوراتهم، وردود أفعالها على أسبابها، ومسببيها...
بينما المحاصرون، ينقرضون موتا، وانتظاراً قبل أن يحدث أمر معجز يوقف عنهم المحنة الكبرى التي ابتليوا بها في أوطانهم..., أولئك المخنوقون في جحيمها....
ولن يأتيهم المارد بخاتمه الأسطوري، ليفتح لهم أبواباً على الماء، والثلج، والبرد المتلهفين عليهما، ليغسلوا بهما ما اعتراهم من الإحراق واللهب..
ذلك لأن من ينتظرونهم، لن يفرطوا أولئك في مكاسبهم، من أجل أن يدرأوا عنهم الخسارات التي يحصدون....
والحقيقة يعرفها العربي نفسه، عندما كان حكيما، وأوتي وعي الهدى، ولم تتلبس إشراقةَ قلبه ظلامةُ الدنيا..، فقال في زمنه ذلك, بأن «جلدك لا يحكه غير ظفرك»..
حين كان الجلد يطفح من وعثاء الترحل، وضراوة الأغبرة، وشح الماء، وأقصى ما يلوث فضاءه البعوض, والذباب، لا البارود والشظايا ولهب القنابل وغضب القلوب بأمراضها..
كثيرا، ودائما ما يتساءل الفرد العربي العادي عن قيمته، موازاة بقيمة غيره من أفراد أمم تتسيد دفة الأمم...!
وتحديدا يرغب كثيرا في معرفة ثمن دمه المهدر، في مقارنة مع ثمن قطرات دماء تنبثق عن أوردة لأفراد من أولئك فقط أفراد، أو لفرد واحد من أفراد تلك الأمم فلا يجد إجابة، وإن هم يجيؤون للاستطلاع، وللإعلام، وللتأكد من وحشية يعتقدون أنها سمة لهذا العربي.., وفي أقصى ما يعانونه تحت حماية هوياتهم هو الفزع، أو الجروح، ونادراً إن أزهقت لنفر منهم الروح... فتقوم القائمة لموت واحدهم، ولا تقوم ألبتة حمية لاغتيال متعمَّد لأرواح ألوف من العرب في بلدانهم التي تغلي ببركانها..
وكأنما، بل الحقيقة هي أن هناك بوناً شاسعاً في المقارنة أو القياس ..,!!
سوريا لا تزال تغتال، وتموت أرواح أبنائها، من الغضة أعمارهم، والفزعين العزل من شيبهم، وشبابهم، والمضحين المتجندين لقضيتهم, المفتدينها عن إرادة..
سوريا،..
يا للكابوس الذي جثم عليك...
وأزهق من ينتظرون فيك رأفة تتحرك في ضمير المتفرجين..., الدارسين منافذ مصالحهم، الراسمين خطط أغراضهم.. الساخرون من مهزلة الإفراط الناهش فيك يا سوريا،
فمتى يندحر هذا الكابوس عن أبناء سوريا، ويخرجهم لبر آمن..؟
متى يُسمع فيك صوت أبناء جلدتكِ، ومماثلينك هوية، والخائفين عليك بحب..؟