لقد حفظ العلي كتابه العظيم ليكون آية الحق التي لا ينالها التحريف، وسيَره ليكون درب النجاة الذي يستطيعه كل راغب في النجاة.
ومن حفظه تعالى له أن سخر له من عباده المخلصين الذين يتعلمونه ويعلمونه، فكانوا خير الأمة. ووفق له من حوته صدورهم، وشربته قلوبهم، وتدبرته عقولهم، فكانوا هم أهل الله وخاصته. فكانوا له في كل زمان ومكان وأضاؤوا للناس درب الهداية إليه يحفَظونه ويقرِئونه. وإنه من فضل الله تعالى علينا أن استعملنا في خدمة هؤلاء الحافظات، فملأنا جنبات المسابقة نوراً وهمة، لتتولى المسابقة بفضل الله تعالى ثم بفضل القائمين عليها، والعاملين بها والمتعاونين معها، صناعة حاملات النور المجيدات ليتنافسن في جو إيماني خاشع {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} (26) سورة المطففين.
وإني على يقين بأن تلك الجهود ما كانت لتؤتي أكلها بعد فضل الله تعالى وتوفيقه لولا دعم قادة هذه البلاد أثابهم الله وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز وفقه الله فجزاهم الله خير الجزاء.
وتتسع المسابقة مواكبةً لعظيم رسالتها لتعتني كذلك بتفسير كتاب الله تعالى فينطلق منها الفرع الأول في حفظ القرآن كاملاً مع التفسير، مدلاً على عنايتها بتدبر هذا الكتاب العظيم وفهم معانيه، وبسبر أغواره لعله يخرج من بين جنباتها حافظاً للحرف، حافظاً للحد.
وما زالت المسابقة في عامها الثالث عشر تهتدي بهدى الله في حمل رسالتها {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} (58) سورة يونس.
وإن الإنجاز الحقيقي الذي لا تستوعبه الأوراق ولا تصوغه الأقلام ولا يحمله إلا الواقع هو تلك النماذج المشرفة والصور المشرقة التي نراها كل عام تتنافس على جودة الحفظ وحسن الأداء وبديع الضبط والإتقان فكانت بحق مصدر فخر لنا ودعما لمسيرتنا.
فالله وحده جل وعلا نسأل أن يديم علينا شرف خدمة كتابه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..
* أستاذة التفسير وعلوم القرآن المشارك