قصتان قصيرتان
كاد صوته يخبو أو ينطفئ تماما وقد اخذ العطش منه كل مأخذ ونهشت بطنه مخالب الجوع، لم يفلح ببيع علبة واحدة حتى الآن وقد انتصف النهار.
على بعد أمتار من المفرزة العسكرية دوى انفجار هائل.. وحلقت أجزاء السيارات في الهواء كنفاثة غبار... طرطش دم حار في كل مكان.. وحطت بهدوء مناديل بيضاء ملتصقة بنتف لحم بشري كحمائم دامية على فوضى الشارع والأعضاء البشرية المتناثرة.
خطيئة
بدا لي هرما رغم أن وجهه قد خلا من التجاعيد وصوته لم يزل فتيا.. ناولني دواة وريشة من على الرف الطيني وقطعا من الجلد المدبوغ.. وتمتم ببضع كلمات كأنها أتمنى لك التوفيق.. وخطى بثقة نحو الباب مخلفا وراءه ظلاً باهتاً على الجدار وقد مالت الشمس نحو المغيب.
افترشت الأرض الترابية.. وتمددت ووجهي إلى الأرض مستندة بكوعي الايسر وبدأت بنقش الحروف على جلد حيوان ما.. وانتشرت رائحة المداد والدباغة وهوام دخان المصباح الزيتي الخانقة في الغرفة الضيقة.
خطر لي أن أصف وجهه أولا ثم عدلت عن ذلك وشرعت بالتحدث عن لا مبالاته الغريبة وعن شعره الفضي وعن خطواته الأخيرة المغادرة بثبات حيث ابتلعته الشمس مع انطفاء النهار.
ربما هو الفجر وقد أنهيت مهمتي وصاح ديك في الجوار وارتخى رأسي على ذراعي المجهدتين وارتكب النوم خطيئته وغط كلانا في نوم عميق أنا والليل الطويل الذي شهد مدونتي الأخيرة.
ماجدة الغضبان