ظهر الاثنين الماضي الموافق 20-02-2012م. اطلعت على قرار مجلس الوزراء الموقر حيال إنشاء «وعد الشمال للصناعات التعدينية» «وكذلك إنشاء محطة للركاب وربطها بسكة حديد الشمال - الجنوب»، غصت في هذا القرار الكريم وكيفيته ورقمه وانطلقت، لأنه أصبح حقيقة ووهج وناقرة الفرح في الشمال، لقد أصابتني جذوة الانتشاء ولبسني الزهو، حتى لكأنني عانقت الغيمة والشمس والسحاب الرخيم، هو القرار وحي للعمل والنمو والركض نحو الغد المضيء والمستقبل الزاهي ومجرات النجوم، تراتيل الندى هو ذا القرار، نداء النداء للنهوض السريع، ارتعاشات التطلع، ونوازع الخير، حداء لغة على وتر لا ينام، شجا لحن منشد، وئام، قمر، فيء، هضاب شمالية ستكون خضراء وسندس وأعمدة ضوء وفتيل اشتعال، نفث نفس ستكون الأرض، هو القرار جاء ممهر من بنان الملك، أصدره المجلس ووقعه الملك، ونشره علينا الملك بفرح، نثره على وجه الشمال وابل يشبه رزيم غمامة حين تجيء الغمامة، ضوء قنديل هو هذا الملك، حبر مبدع، ونجم يبزغ بالعتمة، هو الملك في حدق العيون هائم، عناصر جذب، يشد قوانا، عطر بحر، لون ربيع، موسم بذر أثناء مواسم زرع البذار، هو النسمة الحالمة، هو الهدوء والطمأنينة ولون الطيف والقزح، هو الفضيلة والإثارة والحزم ومثلث الجذب، هو النهر من ضفافه نشرب الماء، هو السد في محرابه يلوذ المطر، النبت هو وطعم الثمر، هو النخل فوق هاماته تلوذ الحمائم وينمو العذق، هو الظل حين تجيء حاميات الهجير، هو الشحن والطاقة وإيقاع الحدث، هو العرق والدم ومواويل البيد وقصائد البحر وفرح الحداة بالمطر، حوض الماء هو، والفنجان، وعلبة العافية، هو العود والمبخرة وساقية الماء، بوابة العبور هو وكُحْل العيون وسكر الفاكهة، هو الرواية والحكاية ومفردة الكلام وطعم الطرح وحركة السفن العابرة، البرق هو والرعد والنباتات الزاهرة، رائحة المطر، خيط المطر هو، وقع المطر على النافذة، هو الجوز واللوز وطاسة اللبن الرائب وملعقة الغذاء الثمين، أيها الملك، يا موقد الشموع ومبقيها متوقدة، يا منير الطرق، يا الغيض والفيض والرؤى الحالمة، يا الحلم والإشراقة وخبايا العمق، يا راسم الدهشة والسرد والمفردة والحكمة، يا سكون المكان وحنين المكان وسلسبيل العطاشى، يافاتحة الكلام، وأول الكلام، وآخر الكلام، يا حقل القمح وظلال النخيل وضياء الضياء، يا مذيب الظلام، يا عدو الخفافيش الثقال السمان، يا مزيح الخرافة والخنوع والنكوصالأذى، يا موقظ الليل بغزل شفيف وابتسامة حانية، يا رائحة النهر والغدير والتاريخ العريق، لقد حفظنا اسمك ورسمك وكيف يميل العقال، لقد توهجنا بك كنافورة عطر، حينما حرثت لنا البحر وأسقيتنا منه الماء القراح، ومنحتنا الخرائط الزاهية، وأدهشتنا بالحياة، ومنحتنا الضياء والبريق، والقرارات الصائبة، وها أنت تفتح للشمال نافذة للشمس وبابا للقمر وأرضا خصبة؛ وتنثر عليه الأزهار في ساحة مفتوحة ليرى الغيمة المتهادية، وأسراب الطيور العابرة، والنجمة العالية، بعد هذا أيها الملك الملك، والإنسان الإنسان، اعلم أننا قد أعلنا عليك الحب من قبل ومن بعد، وسيبقى اسمك في قلوبنا لغة حية، حتى نمضي إلى الموت والمقبرة، وسيبقى الوطن الكبير في أحداقنا يحاصرنا من كل الجهات الأربعة، من أرضة وفضائه وكوكبه، وسنحميه من كل الشذاذ والأفاق ومراهقي الحديث ولصوص الليل والثماثيل الخائبة وأصحاب السمسرة وبائعي الكلام في الأزقة والمقاهي والستلايت والمتسولين هناك في الشوارع البعيدة والمدن الغريبة والكسالى والنائمين وأصحاب المخدات العالية والأحلام القاصرة والذين في قلوبهم سواد ومرض، هكذا نحن وسيكون الوطن العريق فينا كالخاتم واللون والريشة والدم والعظم والقماش وسيكون عندنا كالأهل والبنت والولد، وسنكون أكثر حدة لنهاية الكوابيس حتى نبلغ الأفق والسحاب والنجم والجبال العالية، ولن تأخذنا خطانا إلى التيه والنكوص والأعمال الفاشلة، وسنكون عين الشمس والرايات، وسنحول الرمال والفيافي والقرى المتناثرة بهمة عالية إلى مواسم عشب وساحات محاصرة بالخضرة والماء والبيوت العامرة والأبراج الشاهقة.
ramadanalanezi@hotmail.com