لا شك أن أي عمل ناجح لا يخلو أصحابه من حسد الآخرين الأقل نجاحا، والحسد والعياذ بالله حب البعض لزوال النعمة عن غيرهم والسعي بكل السبل لتحقيق هذا الزوال، كما لا تخلو الحياة من الغبطة وهي تمني ما عند الآخرين من النعم دون زوالها، بل والدعاء لهم بالبركة، أما الجانب الآخر والمباشر الذي تنكشف مؤثراته في نفس من يحمله، فهو الحقد الذي يدفع صاحبه إلى تصيد الأخطاء لمن تفوقوا عليه فلا تغمض للحاقد عين أو يرتاح له بال إن لم يصادم وينغص ويغتاب ويتغنى بعبارات النميمة التي يقذف بها كالسهام، كلما مر به حديث عن احد الناجحين، يقابله أو يفترض أن يكون بديلا عنه، الشعور بالمنافسة الشريفة النافعة العائدة بالخير، لتحقيق ما يوازي نجاح غيره، والبحث عن سبل التعاون وتقريب النفوس والتحام الخبرات والتجارب والقدرات، من خلال العلاقات السامية التي تنبع من قيم إسلامية أولا ومن تربية وبناء اجتماعي يشعر فيه الفرد الصالح بما يخدم أخاه وجاره وزميله في العمل، وصولا إلى خدمة الوطن بالعموم.
هذه المشاعر أو تلك الصفات تشكلت في ذاكرتي حينما بدأ الأحبة في مناطق ومحافظات المملكة ومنها محافظة جدة بالإعداد لفتح الفرع الثالث للجمعية السعودية للفنون التشكيلية، هذه المنطقة الزاخرة بالإبداع والمبدعين والمحظوظة بأميرها خالد الفيصل، رجل عاشق وملم بالثقافة وروافدها، ومنها الشعر والفنون التشكيلية، مع ما لهذه المحافظة (جدة مما تستحق أن توصف به بأنها (غير) من بين بقية المدن، وأعني هنا جانب التشكيليين، إذ بعد أن شعرنا في الهيئة الإدارية بالجمعية التشكيلية (الأم) بأن هناك خلافات حول فتح الفرع وخوفنا من أن تتغلب المشاعر البغيضة على المحببة، نتيجة ما يتم تناقله من أخبار سيئة بأساليب مختلفة أصبحت تطفو على السطح، لم نعرها أي أهمية لظننا الحسن في فناني عروس البحر، العدد الأكبر على مستوى المملكة والأكثر نشاطا وحضورا محليا وعربيا وعالميا، وقد تحقق ذلك الظن الحسن بعد أن اجتمع المختلفون في الـ(آراء) بعد أن رموا الخلافات الشخصية في البحر، ليجمعوا على تأسيس الفرع الثالث للجمعية السعودية للفنون التشكيلية، أعادوني بهذا التوافق على الهدف ونسيان الاختلافات التي تعد ملح الساحة، للمثل المعروف مع تغيير النص لينسجم مع ما أشير إليه (أنا أختلف مع ابن عمي وأتفق معه لكسب الجديد).
هنيئا للأحبة في منطقة مكة وهنيئا للساحة التشكيلية بهذا التحرك النشط، والقادم أجمل بإذن الله.
الجميل في الأمر روح التعاون والتواضع من كبار التشكيليين ومنح الشباب المتخصص في الفن التشكيلي،الفرصة للعمل لإدارة الجمعية ممثلة في الفنان نهار مرزوق بتعاون أصحاب الخبرة والمكانة ممثلة في الفنان هشام بنجابي، ودعم بقية الكبار سنا وإبداعا من بقية التشكيليين هناك وتحية خاصة للفنانة سلوى الرفاعي صاحبة الجهد الكبير.
وقفة:
(قيادات شابة..؟ هل نعتبر تلك الكلمات كخطبة وداع أيها القومندان؟).. جاء هذا التعليق على زاويتي السابقة التي نقلتها (صحيفة فنون الخليج الالكترونية) مشكورة، من قارئ للصحيفة رمز لاسمه بـ(ورده)، تساؤل جميل يستحق أن يكون موضوع الزاوية القادمة بإذن الله.
monif@hotmail.com