بالأمس كنت أتابع أحد البرامج التلفازية التي تبثها إحدى القنوات الفضائية العربية المعروفة ببرامجها المشاهدة, وكان ضمن برنامجها هذا الذي يعرض كل (خميس وجمعة) خبراً عن (الجريمة التي هزت كندا) التي ارتكبها أحد (رجال الأعمال المسلمين - الأفغانيين) بقتل ثلاث من بناته اللاتي لا يتجاوزن أعمارهن عن (17-19-21 سنة) إضافة إلى زوجته الثانية التي كانت تعتني بالبنات الثلاث, على خلفية ما يسمى جرائم الشرف.
وقد أتيحت لي الفرصة قبل مدة غير طويلة, أن أتابع وأشارك في المنتدى الإعلامي لنصرة (قضايا المرأة - عمق) الذي أقيم في إحدى الدول العربية الشقيقة حول (المعالجة الإعلامية والقانونية لحماية المرأة من العنف) على خلفية الشرف.
ولأهمية موضوع الملتقى, فقد شاركت فيه العديد من وسائل الإعلام السعودية والخليجية والعربية والعالمية المرئية منها والمسموعة والمقروءة, التي قامت بنشر وإذاعة وعرض كل أوراق العمل للمتحدثين والمتحدثات في الملتقى المذكور.
وإذا ما أردنا أن نتناول هذه الجرائم (المقيتة والمخيفة والمنافية) لتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف, والمتعارضة مع منظومة القيم والأخلاق العربية والإسلامية والإنسانية, نجد أننا ندخل في متاهات بسبب حساسيتها المتعلقة بالشرف والفضيلة, وأعتقد أن تلك (اللفظة) أحد أسباب إحجام الصحافيين والصحافيات بل جميع الفئات الإعلامية عن تناولها ومعالجتها بطريقة مهنية إعلامية سليمة, وذلك لرهبتهم وتخوفهم وهواجسهم من تبعات ما يقومون به خلال تأديتهم لعملهم الإعلامي النبيل.
المسألة هنا لا تقتصر على الإعلام والجهات القانونية فقط, بل هي مربوطة بالحركات والجمعيات والهيئات النسوية, إضافة إلى المنظمات الحقوقية والقانونية والأهلية التي لا بد أن تتحمل القسط الأكبر في التصدي لهذه الجرائم, فقد درجت العادة في الخطاب النسوي بشقيه (الإعلامي والمؤسسي), على تناول وصف خاطئ لجرائم قتل أو إيذاء النساء على ما يسمى (خلفية الشرف), وتوظيفه ليكون محور الحملات الإعلامية المكثفة الواسعة النطاق, بالتزامن مع عقد المؤتمرات وورش العمل والندوات التي تعالج هذه القضية بالإصرار على تثبيت هذا الوصف الخاطئ والمجافي للحقيقة على أرض الواقع, وللأسف الشديد أن بعض (الفئات الإسلامية بصورة خاصة) لا زالت منهمكة بتكرار ارتكاب هذه الجرائم, مثلما حدث في كندا مؤخراً.
ظاهرة العنف ضد النساء, ظاهرة عامة لم تسلم منها دولة أو منطقة أو جنسية أو دين أو ثقافة.
وهذه الظاهرة لا تمثل فقط تهديداً لمنجزات الإنسان بصورة عامة, والإنسان المسلم خاصة, لكنها حين تمتد نحو المرأة والطفل أي (الفئات الضعيفة والمهمشة) التي يجب أن تحظى بمزيد من الرعاية والاهتمام فالتهديد يكون موجهاً نحو الضمير والعقل الإنساني معا.
لا بد علينا جميعا ان كنا في المجال الإعلامي أو القانوني أو السياسي أو الاقتصادي أو الرياضي والفني والصحي... إلخ إن كنا أعضاء في الحكومة أو حتى الرجل العادي, لا بد أن يكون لنا هدف رئيسي في حماية المرأة من العنف بمنطق قانوني إنساني منطقي عقلاني توعوي وإعلامي لأن المرأة هي نصفنا الآخر.. وهي مربية النصف الباقي!
farlimit@farlimit.comالرياض