لقد أنتج الواقع السياسي والإقليمي الراهن ظروفاً مستجدة تستحق منا المزيد من التأمل الواعي والمدرك حتى لا نشتت الفكر بل يلزم حصره فيما يتوجب التفكير فيه بفهم دقيق وصحيح لهذا الواقع الذي نعنيه لأن مجالاته متعددة وواسعة النطاق ولذا نرى مناسباً تحديد ما نريد التفكير فيه وإن تعددت سبله فينبغي التدرج في وضع الأولويات حسب درجة الأهمية، ولذا فهنا نشير في مقالنا هذا الواحد من المجالات نضعه تحت عنوان «عصرنة الواقع الإعلامي»، وسوف نتناول فيه واقع الفضائيات وفيما تطرحه القنوات لدينا من برامج مختلفة ومشروعات متباينة وتوجهات شتى مع الوضع في الاعتبار أن فئة من المشاهدين يهمهم البحث عن القناة التي يرون فيها إشباعاً لرغباتهم ومن أسف يجدون مطلبهم ولكن في حالة رثة تعاني من قصور في الشكل وهشاشة في الموضوع وفئة أخرى من المهتمين بالإعلانات التي ترد على قناتها.
وإزاء ذلك ألم يحن ويتوجب ضبط المنتج الإعلامي من حيث مدخلاته وما يلحق بها من عمليات وما يؤدي إليه من مخرجات، ومن هنا تخضع عملية الضبط لمحددات المسؤولية الاجتماعية تجاه المشاهدين، وتتمثل هذه المسؤولية في أنه عند تناول قضايا المجتمع كشفاً أو وصفاً أو تحليلاً يتطلب المعاجلة أو التنويه عنها أو الوقوف عند حد «التحصين الوقائي».
وبالنظر للإعلام السعودي في ضوء المسؤولية الاجتماعية هل نراه ملتزماً بقيم الممارسة المهنية والمعايير الأخلاقية والأدوات الوظيفية التي تتحدى الموضوعية في الطرح الثقافي أو الفكري أو الخدمي أو الدرامي أو حتى الترفيهي؟
وفي ضوء الواقع المعاصر.. إنه على المحك فهو يواجه: عالمًا متغيرًا وسماوات مفتوحة وتدفقًا معلوماتيًا وتحولات سياسية وتحديات اقتصادية وثقافات معولمة وإبداعات ما بعد الحداثة واختراعات علمية على كافة الأصعدة.. وفي فروع العلم المختلفة.
ففي ضوء ثقافتنا السعودية وقيمنا الحضارية والأصولية وإستراتيجيتنا المعلوماتية يمكننا القول إن إعلامنا هل بات قادراً على التعامل مع متغيرات العصر وتحدياته؟
هل بلغ ذرى النهوض المستنير اللائق المتوازن الملزم؟
وهل لنا في ذلك من سبيل؟ الإجابة: نعم: إذا ترسخ لدينا الإيمان بأن الإعلام نسق تربوي ثقافي خدمي.. إلخ: وأنه حق للمواطنين فإن حاد عن جادة الصواب جاز لهم أن يشتكوا لمعالي الوزير ويفصل في شكواهم.
ونأمل في أن يتواجد في وزارة الإعلام لجنة دائمة لتطوير البرامج الإعلامية وجودتها وتقييمها وإصلاحها، وأن يقوم مجلس الشورى بطرح السياسات الإعلامية على المواطنين للتعريف بها، والتعرف على مرئياتهم وقبلها فهم المستفيدين منها.