حولي صغار كالفراشات الملونة..
كالعصافير يغردون بجميل الإيقاع، وهم يتحركون، يتكلمون، يلثغون، يتهجون, ويحلمون..!!
حلموا بالبحر وشاطئه.., وبالماء, والرمل..
وحلموا بالانعتاق من المدرسة..، فهي تثقل كواهلهم بحقائب مليئة بالكتب..!! حلموا بالنوم في برد الشتاء..,
دون إيقاظ في زمهريرية الفجر ليوم يحفل بالأسئلة.., والأداءات..، وإن كانت ترفيها لأصغرهم..،
وتعليما لأكبرهم..
حلموا بالسباحة في عز البرد.., وبالركض في فضاء البر..!
وبمن يقول لهم : الحياة أجمل من الموت..
والموت الذي يشاهدونه في الشاشات، هو عمل غير لائق بالإنسان.. حلموا بأن لا تغفو عيونهم حين تقصُّ لهم أمهاتهم، وأباؤهم وهم في أَسِرَّتِهم..
حلموا أن يكونوا كُتَّابا تنشر الصحفُ لهم كلَّ يوم..!!
حلموا أن يُطرق البابُ، فيسأل عنهم شخصٌ لا يعرفونه..
حلموا بالخبز الساخن مع الحلوى يكون في أيدي الفقراء المقهورين الذين يشاهدونهم في الصور..
حلموا «بحصالاتهم» التي يودعون فيها مصروفهم، أن تتحول فيها الريالات لثروة كبيرة يبنون بها أعشاشا للطيور الضالة المحلقة فوق أغصان الشجر من حولهم..,..
وبيوتا للملتحفين العراء من مشردي البيوت الذين تكرر صورهم برامج التلفاز أمام عيونهم..!!
أخذناهم لشاطيء نصف القمر في عطلة الأسبوع..,
فاختلطوا بالماء ,والرمل، والبرد، والهواء الشتائي، وعصفه المبرد بسحابات الشمال..
أخبرناهم بأن المدرسة بوتقة..!!، ولم نستطع إكمال الحقيقة لهم..حفاظا على براءة ثقتهم..!!
أيقظناهم بإجابات عن الصباح وبكوره البريء، وانتظارهم لأنقى ما يأتي من بعده..!
سبحوا مع لسع البرد، وتناغموا مع موج البحر..،
وانطلقوا في البِّر كما الخيول في نعيم إبائها..
أخبرناهم أن الحياة ليست بهذه الصورة المظلمة التي يشاهدونها في الأخبار..
وأن الموت حقيقة، لكنه ليس نتيجة لما تنقله لهم آلة الحرب..
طمأنَاهم إلى أن الغفوة بعد سماع القصص, هي رحلة استجمام في أعماق ثرية بالبياض، والبهاء، والثمار..
ومن بعدها صبح يأتي بتباشير البكور..!!
وعدناهم بالقادم الجميل الذي سيصنعونه هم..
عقدنا معهم عهدا بأن يقرئونا ما سيكتبون.., عندما سيصبحون كما يحلمون، إن أوفوا بالوعد..!
وأكدنا لهم بأن طارقا سوف يأتي وهم لا يعرفونه حين يحققون أحلامهم..!! واتفقنا معهم على أن «حصَالاتهم» ستغدو نهرا يشاركون الإنسان في جداول سقياه، و الطير في موارده، بإيثار نفوسهم، وعزيمة أرواحهم، وندي كفوفهم..
ثم ضممتهم إلي...
أسأل رب السماء أن يكلأهم بعنايته، ويحفظهم بين أوله الذي ليس قبله، وآخره الذي ليس بعده, وظاهره الذي ليس فوقه، وباطنه الذي ليس دونه,..
ليكون الغد بهم أجمل، وأنصع، وأكثر أحلاما، وأوفى إجابات لأسئلتهم، وتحقيقا لأحلامهم..,
فهم نواة أشجار الآتي، وثماره..