هذه أولاً كلمة شكر وتقدير وامتنان للأمانات والبلديات التي اهتمت بصحة المواطن واعتنت بسلامته، فأسست مختبرات متخصصة «بسلامة الأغذية»، وأشرفت وتابعت عملها اليومي حرصاً على إنسان الوطن.. ولعل منطقة القصيم بمحافظاتها المختلفة من أوائل المناطق التي أولت هذا الجانب جل اهتمامها وعنايتها بشكل كبير، ومع أن المزارع والبائع في بريدة أو عنيزة أو البكيرية أو... يعلمون بوجود رقابة على ما يجلب لسوق الخضار، مع ذلك فقد نشرت الرياض «الاقتصادي» يوم الأحد الماضي أن العينات العشوائية التي أخذت للمنتجات المجلوبة للبيع كشفت 13 عينة من الخضار والفواكه احتوت على مبيدات فوق الحد المسموح، فيما احتوت 36 عينة على مبيدات تحت الحد المسموح به وتعد صالحة للتسويق، و101 عينة أثبتت التحاليل أنها خالية تماماً من المبيدات، من مجموع 150 عينة تمثل إنتاج 24 محصولاً من المزارع المتعاقدة مع الجمعية التعاونية الزراعية بالبطين.
إن غالبيتنا يعلمون ما تتميز به هذه الجمعية من حرص على سلامة المستهلك والمصداقية في التعامل وتميز في الأداء و... مع ذلك فقد كشفت هذه العينات العشوائية هذا الداء فكيف بغيرها من المؤسسات التي تلهث خلف الربح بعيداً عن التفكير الجاد بصحة وسلامة المواطن.
قد يقلل البعض ويهون من الأمر بقلة العينات المرفوضة التي نص عليها الخبر، وهذه النظرة غير دقيقة وليست صحيحة، إذ إن وجود عينة واحدة مرفوضة يجب أن يكون محل مسألة وعقاب فكيف بهذا العدد الذي يعد في نظير مرتفع نسبياً.
أشد من هذا.. أتعجب بصدق من عدم وجود هذه المختبرات في جميع أسواق الخضار والفواكه السعودية رغم أن أسعارها ليست بالمرتفعة قياساً بغيرها من التجهيزات المخبرية، وبمقدور وزارة الشئون البلدية والقروية توفيرها في كل أمانة بل وفي جميع البلديات خاصة ونحن في عهد الرخاء المالي المشهود، وعلى افتراض أنها مكلفة نسبياً فإن العائد من وجودها كبير في ظل الوضع الزراعي السائد في مناطقنا المختلفة والمعروف للكثير منا، إذ أن العمالة التي لديها كثير من سمات التخلف والجهل هي من يشرف على هذه المزارع بل ربما هي من تملكها وتدفع لصاحبها أيجاراً سنوياً محدداً، والوافد مهما كان يعد بقائه في المملكة لزمن، والهدف الأعلى والأسمى عنده جمع أكبر قدر من المال في أقصر وقت ممكن ومن ثم العودة لأولاده وبلاده، وربما آخر ما يفكر فيه سلامتنا وصحة أبداننا خصوصاً حين يغيب الرقيب ولا توجد المسألة ومن ثم يتم إيقاع العقاب!!.
أسأل الفقهاء والعلماء وأهل الاختصاص..
- ترى ما حكم من وضع لنا السم في غذائنا خصوصاً وأن بعض هذه المبيدات يحتوي على مواد سامة مسرطنة قاتلة، وأيام الحضر فيها لا تقل عن يومين، ولا ترش إلا تحت إشراف مختص، ولا يزيلها الماء، وليس لها رائحة ولا ترى بالعين المجردة فيمكن للإنسان البعد عنها وتلافيها؟
- ما حكم من تهاون بمسئوليته في تحقيق سلامة أجسادنا وصحة صغارنا، مع أنه قادر عن أن يمنع الضرر عنا؟
- ما حكم المزارع الذي يعلم بممارسات عماله هذه السلوكيات المشينة، ومع ذلك يتغافل، بل ربما يكون هو من يأمرهم بذلك حرصاً على المال حتى ولو على حسب سلامة وصحة المواطن؟
- ما حكم من باع لنا هذه الفواكه والخضروات وهو يعلم بضررها وخطرها؟
الماء فيه إشعاع أو أنه ملوث..التربة متلوثة..الشمس والأجواء ملوثة..المنتج الزراعي عالق به المبيد!! ماذا بقي؟.. بعد هذا لا نستغرب من ارتفاع فاتورة العلاج في المملكة. والوقاية كما قيل خير من العلاج.. ودرهم وقاية خير من قنطار علاج.. وأهم.. وأول.. وعلى رأس سبل ووسائل الوقاية الجسدية المراقبة الصحية الصحيحة، والمتابعة الدقيقة لمن يؤمن لنا ما نضعه داخل ذاوتنا،، ومختبرات سلامة الأغذية، وتأمين الفريق المختص الذي يشغلها ويشرف على صيانتها ويضمن سلامتها هي عندي ضرورية من الضرورات يجب توفيرها عاجلاً غير آجل.
المسؤولية والتبعة لا تقع فقط على الأمانات والبلديات فحسب بل نحن جميعاً شركاء.. الإرشاد الزراعي في وزارة الزراعة، جمعية حماية المستهلك، هيئة الغذاء والدواء، هيئة، وجمعية حقوق الإنسان، محلات البيع لهذه المبيدات، مالك المزرعة، صاحب محل بيع الخضار، الأهالي، خدمة المجتمع في الجامعات، الإعلام ومؤسسات التثقيف والتوعية المختلفة، وقبل هذا كله أصحاب القرار وصناع المستقبل من المخططين والباحثين والمستشارين.
الموضوع في نظري خطير جداً والثمن الذي تدفعه الدولة باهض وما يدريك ربما تقل نسبة الأمراض التي تفشت فينا وفتكت بنا لأسباب عدة على رأسها ما نأكله فـ»المعدة بيت الداء»، ومتى ما تحقق وجود هذه المختبرات فستنخفض الفاتورة ويسعد إنسان الوطن ويحمى المستهلك، ويصح، وتبرأ الذمم وتسلم. دمتم بخير ووقانا الله وإياكم شر المبيدات. وإلى لقاء والسلام.