رغم تكرار موسم الجنادرية لمدة تجاوزت ربع قرن من الزمان، فإنه لا يزال يحظى بنفس الوهج ويتطور من عام لآخر. لن أقف هنا في موقف تبيان مآثر وأهمية ومراحل تطور المهرجان، لكنني أحاول تقديم بعض الأفكار حوله ليواصل نحو آفاق أرحب وأوسع.
مهرجان الجنادرية أبرز ملامحه أو مكوناته التالي:
1. البرنامج الفكري المشتمل على محاضرات وندوات ثقافية وسياسية واجتماعية معاصرة، وهذا البرنامج تجاوز البعد المحلي ليكون ضمن أبرز المهرجانات الثقافية العربية.
2. البرنامج الفني المشتمل على المسرح والفنون الشعبية والفنون التشكيلية والغنائية وهذا البرنامج يعتبر الأبرز أو الأوحد على المستوى الوطني الذي يجمع فنوننا الشعبية من كل المناطق وبمختلف الألوان.
3. البرنامج التراثي المتمثل في السوق العارض للمكونات التراثية لمختلف مناطق المملكة (القرية التراثية) وقرية الجنادرية أصبحت معلماً سياحياً وثقافياً ضمن معالم عاصمة بلادنا وضمن خارطة الوطن بصفة عامة.
4. البرنامج الرياضي التراثي والمتمثل في سباق الهجن، وهذا البرنامج هو النواة التي بدأت منها فكرة مهرجان الجنادرية ويعتبر سباق الهجن المصاحب لمهرجان الجنادرية هو الأبرز على المستوى الوطني والإقليمي.
أمام هذا التفصيل أرى بأن الجنادرية لم تعد مجرد احتفال لعدة أيام بل موسم حافل متنوع بالبرامج، لذلك أقترح أن يعاد ترتيب المهرجان (أو لنسميه الموسم) إلى برامجه الرئيسة أعلاه فليكن هناك الأسبوع الرياضي والأسبوع الفني والأسبوع الثقافي/ الفكري (الأسبوع أو الأيام تزيد أو تنقص) وفي نهايتها يأتي تتويج الموسم الذي أقترح أن يستمر مدة لا تقل عن شهر أو شهرين تكون مفتوحة فيه القرية التراثية لتتاح الفرصة لأكبر عدد من الزوار ولتخفيف الازدحام الذي يحدث خلال أيام معدودة. في نهاية الشهر/ الموسم يتم تتويج الفائزين بمسابقات المسرح والفنون والحرف والرياضيين والمفكرين المشاركين... إلخ. بمعنى آخر لا نكتفي فقط بالعروض بل نحيلها إلى مسابقات تقدم فيها الجوائز للأفضل والأبرز، حتى تتوفر دافعية أكبر لدى المشاركين بالمهرجان.
الفكرة الأخرى المتعلقة بموسم الجنادرية تتمثل في جهة الإشراف عليه، حيث إن الحرس الوطني أسهم طيلة السنوات الماضية في الإشراف والعناية بهذا المهرجان، الذي حين بدأ لم يكن هناك وزارة للثقافة ولم يكن هناك هيئة للسياحة. الآن وفي ظل التنظيم الإداري الحديث يفترض أن تتبع المهرجانات الثقافية لوزارة الثقافة أسوة بما حدث بمعرض الكتاب الذي كانت تنظمه وزارة التعليم العالي فانتقل بعدها إلى وزارة الثقافة.
هذا المقترح لا يعني قصورا لدى الجهة المنظمة، لكنها عملية تنظيمية إدارية لا أعتقد أنها ستغفل جهود الحرس الوطني في التأسيس والإدارة لهذا المهرجان؛ بل إن نقل الإشراف ليكون تابعاً لوزارة الثقافة لن يغني عن الاستعانة بجهود الحرس الوطني الأمنية والتنظيمية لهذا الحدث الكبير بمختلف مكوناته. ولن يغني وجود مرحلة انتقالية لمدة موسمين أو ثلاثة تسهم في تسهيل نقل مهام الإشراف من قطاع إلى آخر.
لقد صدرت الأوامر السامية بفصل هيئة الطيران المدني وغيرها عن وزارة الدفاع من مبدأ تحديد الاختصاصات وتطوير التنظيم الإداري لمختلف القطاعات وبالتالي فإن نقل إدارة مهرجان الجنادرية ليكون تحت إشراف وزارة الثقافة يصب في هذا التوجه التنظيمي الإداري الحديث.
نحن في المملكة ينقصنا وجود المهرجانات الثقافية الوطنية الكبرى ومهرجان الجنادرية يستحق منا دعمه كأكبر مهرجاناتنا الثقافية/ التراثية/ الفكرية الكبرى.
malkhazim@hotmail.com